ساعتان في غرفة نبيل رجب: يكشف جميع مراسلاته مع النظام قبل 14 فبراير.. ويتحدث عن أسرار رفع الغطاء الأمريكي عنه

2014-05-30 - 1:00 ص

  • "مسيرات المنامة" عن هذا سألتني السفارة قبل رفع غطائها... ومع "جوليان" عرفت أنني سأعتقل
  • الأمريكيون وكذلك الحكومة كانوا يجهلون جدية 14 فبراير... وقد صارحتهم: ستكون منعطفاً جديداً
  • قال المتصل: وزير الداخلية يبلغك السلام ويخبرك: من الأفضل لك أن لا تخرج.. وقد أجبته: فات الأوان
  • كتبت رسالة للملك قبل 14 فبراير بأيام.. وكانوا يستهزئون بي.. ولو أخذوها بجدية لجنبوا البلاد ما حدث
  • هكذا طوعت دول الخليج بريطانيا العظمى.. سلموا الملك صفقة طائرات "تايفون" وقالوا للبريطانيين: المفتاح عنده
  • مسئول أمريكي أسرّ لي: قلنا لهم نبيل خط أحمر.. وهذا يعني أن "الخواجة" والرموز اعتقلوا بضوء أخضر
  • لقاء "أسانج" أزعج الأمريكان... والسلطة أبلغتهم: نبيل يخرق القانون بمسيرات العاصمة ويوقعنا في المشاكل
  • قلت للسفارة: نعم ناديت بالتمرد على القوانين.. ولو لم يفعلها "لوثر كنج" و"مانديلا" لما تحررت شعوبهم
  • السلطة أنجزت مشروع التغيير الديمغرافي الوارد حرفيا في "البندر"... هذه أكبر جريمة وتجب مواجهتها
  • أعمل على بلورة مشروع يعتمد المقاومة المدنية لتحدّي تغيير التركيبة السكانية... وكل شيء في وقته
  • لم تعد هناك فرصة لحوار جدي مع السلطة.. الحل صار أصعب الآن وحاجة للمزيد من العمل الشعبي
  • عملي ليس إسقاط النظام أو إصلاحه فهذا شغل السياسيين.. وما يعنيني هو القضاء المستقل وحقوق الإنسان

 

مرآة البحرين (خاص): حوار في العمق خاضته "مرآة البحرين" مع الحقوقي الكبير المفرج عنه حديثاً نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، للمرة الأولى يكشف رجب قصة ما يتردد عن وجود غطاء أمريكي عليه، وكيف ولماذا رفع عنه هذا الغطاء تمهيداً لاعتقاله.

كما تحدّث رجب عن اللقاءات التي جرت بينه والسفارة الأمريكية، منذ إطلاق الدعوة للاحتجاجات في 14 فبراير/ شباط 2011، وحتى لحظة اعتقاله في 9 يوليو/ تموز 2012. ويتطرق في الحوار إلى رسالته إلى ملك البحرين التي تضمنت بعض المطالب لإصلاح الأوضاع، واستدعاء وزير الداخلية له قبل اندلاع شرارة الأحداث بساعات.

في حواره مع "المرآة" يكشف رجب أيضاً بعض أشكال الضغط الاقتصادي الذي مارسته منظومة دول الخليج لوقف أي ضغط قد يتعرض له النظام البحريني من قبل الدول الكبرى، وعن صفقات بالمليارات قامت بوضع مفتاحها وشرطها البحرين وإلاّ!

وحول أسئلة الحاضر، وما العمل، يتوقف رجب عند مشروع جدلي في المقاومة المدنية سيعلن عنه في وقت لاحق لإفشال مخطط السلطة في إضعاف السكان الأصليين في البحرين. فيما يلي مقتطفات من الحوار معه:

مرآة البحرين: لماذا تم اعتقال نبيل رجب بعد أن بدا وكأن غطاءً دولياً يحميه؟

نبيل رجب: لأول مرة سأقول هذا، لقد تذكرته عندما كنت في السجن، ولم أذكره لأحد قبلها. بعد 15 مارس/ آذار 2011 وبعد أن تم اعتقال عبد الهادي الخواجة وباقي الرموز السياسيين، تم اعتقالي لساعات قبل أن يخلى سبيلي.

بعدها بيومين تم طلبي للقاء في السفارة الأمريكية، وهناك التقيت مسؤولاً كبيراً قال لي بأنهم أبلغوا حكومة البحرين ما يوحي بأنني خط أحمر فيما يتعلّق بمسألة الاعتقال، وأوضح لي بأنهم قالوا لحكومة البحرين: "نبيل حقوقي معروف على المستوى الدولي وله حضوره الحقوقي الفاعل دولياً، لا تعتقلوه".

أذكر أني استأت كثيراً حينها، رغم أنه أراد إفراحي بهذا الخبر، ما شغل تفكيري حينها، أن هذا الكلام يعني أن أمريكا أعطت الحكومة البحرينية الضوء الأخضر لاعتقال عبد الهادي الخواجة والرموز السياسيين. شعرت بانزعاج شديد. عن نفسي لم أطلب الغطاء من أحد، وليست لدي علاقة خاصة بالأمريكان، أنا أقوم بعملي كحقوقي بشكل مهني وهذا ما يعنيني فقط.

نبيل رجب

الحقوقي رجب مع عدد من مطبوعات مرآة البحرين

المرآة: متى تم رفع الغطاء إذاً؟

رجب: بعد قرابة عام، طلبت السفارة لقائي وقالت لي مسؤولة هناك: نبيل أنت تدعو لاعتصامات في المنامة غير مرخصة وغير قانونية؟ قلت نعم. قالت: تدعو لمسيرات مرخصة؟ قلت: لا يمكن أن تكون مرخصة. قالت: غير قانونية؟ قلت: ربما، وأردفتُ: القانون لا يعني بالنسبة لي العدالة، بعض القوانين بالنسبة لي غير عادلة وأنا مع التمرد على هذه القوانين. وأضفت: لو أن مارثن لوثر كنغ اتبع القوانين الأمريكية لما حصل التغيير في القوانين الأمريكية اليوم. ولو أن نلسون مانديلا اتبع قوانين جنوب أفريقيا لما حصل التغيير هناك، وكذلك غاندي لو اتبع القوانين الإنجليزية لما حصل التغيير. أجابت المسؤولة: هذا ربما فكر نضالي صحيح، ربما أنا أتفق مع ما تقوله على المستوى الشخصي، لكن نحن أمام حكومة رسمية تتعامل بما هو قانوني وغير قانوني.

قلت: مع كل احترامي لكم، لكن نعم، أنا أدعو إلى التمرد على القوانين التي لا تتوافق مع المعايير، خصوصاً مع غياب أية آلية حقيقية غير شكلية لدى الشعب لتغيير هذه القوانين.

كان واضحاً أن الأمريكيين يريدون من خلال هذه الأسئلة أخذ تأكيداتي حول هذا الموضوع لرفع الغطاء عني، لأن السلطة في البحرين قالوا لهم إن نبيل يخرق القانون ويوقعنا في مشاكل. حدث هذا بعد أن التقيت بجوليان أسانج مؤسس "ويكيليكس"، وأعتقد أن هذا اللقاء أزعج الأمريكيين، وربما يكون ذلك أحد أسباب رفع الغطاء، لكن ليس لدي ما يؤكد هذه الجزئية غير شعوري.

المرآة: طالما أن دعواتك غير المرخصة للتظاهرات هي التي رفعت عنك الغطاء وسهّلت اعتقالك، هل ستكرر إطلاق هذه الدعوات بعد خروجك؟

رجب: لا أستطيع الاجابة بشكل قاطع على هذا السؤال الآن، ليس بنعم أو لا. لا يمكنني أن أقول سوى أن لكل حادثة حديث، لدي الكثير لأقوم به، وأريد أن أكون خارج السجن لأمارس دوري وأوصل صوت الشعب البحريني لكل مكان، وأفكر في استنفاذ أساليب جديدة من المقاومة السلمية من تلك التي لم تُستنفذ بعد، أحتاج إلى بلورة بعض المشاريع وتأصيل بعضها الآخر. أترك هذا السؤال لتجيب عليه الأحداث القادمة فهي التي ستفرض نفسها ومواقفي ودعواتي.

المرآة: قبل 14 فبراير بأيام كتبت رسالة لملك البحرين تضمنت بعض المطالب لإصلاح الوضع البحريني. هل تراها لا زالت صالحة حتى الآن؟

رجب: قبل 14 فبراير، كنت ألتقي مع السفارة الأمريكية وصارت بيننا لقاءات متعددة في فترة قصيرة. في البداية لم يكن الأمريكيون ولا الحكومة البحرينية يعرفون جدية تحرك 14 فبراير، وكذلك الجمعيات السياسية. الحكومة قالت للأميركيين أنه لن يحدث شيء كبير، بينما الجمعيات قالوا إنها ستكون زوبعة وسوف تنتهي. لكني منذ البداية كنت أعتقد بأنها ستكون منعطفاً جديداً في التاريخ البحريني. عندما سألوني في السفارة الأمريكية منذ بداية إطلاق الدعوات للاحتجاج، قلت لهم: إن الموضوع سيكون جدياً. سألوني ماذا سيحدث؟ قلت: سيكون منعطفا جديدا في البلاد. سألوني: هل خاطبتم الحكومة؟ قلت: لم أفعل لكن هذه فكرة جيدة، سأكتب رسالة للملك.

وبالفعل قمت بكتابة رسالة في 11 فبراير/ شباط 2011. كانت المطالب أقل بكثير بل هي بسيطة جداً. طالبت فيها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفتح حوار معهم، وحل جهاز الأمن الوطني. لم تلق الرسالة أي اهتمام رسمي، كانت كل من الحكومة واتباعها يستهزؤن بي، وأنه لماذا سينظر الملك إلى رسالتي. وأنا أقول اليوم، لو تم أخذ ما في تلك الرسالة منذ ذلك الوقت، لتم تجنيب البلاد ما حدث بعدها وكل ما وصلت إليه الآن.

المرآة: وكيف تم التعامل مع تبنيك لدعوات احتجاجات 14 فبراير؟

رجب: الأمريكيون بقوا يلتقون معي كل يومين أو ثلاثة لمتابعة التطورات التي تجري بخصوص هذه الدعوات عن كثب، إلى أن جاء يوم 14 فبراير/ شباط، قبلها بساعات اتصل بي مكتب وزير الداخلية، قال المتصل: نبيل.. سمعنا أنك دعيت إلى تظاهرات. قلت: "أنا لم أدع لتظاهرات، أنا قلت سأخرج في تظاهرة من بيتي في بني جمرة إلى سار، وهذه واحدة من عشرات التظاهرات التي ستخرج من جميع مناطق البحرين، وأنا ليست لي علاقة بباقي التظاهرات". قال لي: "لكن أنت دعوت للتظاهر بشكل علني، الباقي لا نعلم من دعا إليها". حينها كنت أنا وعبد الوهاب حسين فقط من تبنينا دعم التظاهرات بأسمائنا، وبهذا أخرجنا الدعوة من حالة الغموض الذي كان يحيط بأصحابها إلى تبني أسماء معروفة. قال لي المتصل: وزير الداخلية يبلغك السلام، ويقول لك من الأفضل أن لا تخرج لأنه ليس لديك ترخيص، ومن الأفضل أن تتقدم بطلب ترخيص للمسيرة. قلت له: لو كنتم تريدوني أن آخذ رخصة للمسيرة بالفعل لكنتم اتصلتم بي قبل الآن، لا قبل ساعات من انطلاقها، وأردفت: اليوم سنبدأ تاريخا جديدا، الماضي ذهب، أبلغ سلامي لوزير الداخلية واشكره على اهتمامه، لكن قل له سنخرج. وكان ما كان.

المرآة: هل تعتقد أن البحرين تواجه بضغط دولي حكومي حقيقي لتحريك الوضع الداخلي وحلحلته؟

رجب: الأمر الأول الذي يجب أن نضعه في الاعتبار أن حكومة البحرين لديها حملة علاقات عامة صرفت عليها مليارات الدولارات، البحرين اليوم تعد الدولة الثانية في العالم بعد إسرائيل التي تصرف أموالها على حملات العلاقات العامة وتحاول شراء أعضاء كونجرس بالهدايا وأعضاء برلمانات ومؤسسات ورجال دين.

الأمر الثاني أن الحكومات لديها حساباتها، وحساباتها تلك تندرج ضمن موازنات الربح والخسارة، لدى هذه الدول علاقات سياسية واقتصادية مع دول الخليج ولديهم موازنات كثيرة. النظام البحريني يختلف عن النظام السوري الذي لديه أعداء كثيرة. البحرين ضمن منظومة الخليج التي لديها علاقات مصالح مع الدول الغربية، علاقات بترول وصفقات أسلحة بالمليارات. بريطانيا عندما مارست ضغطا بسيطا على النظام البحريني لفترة محدودة، أوقفت دول الخليج كلها صفقات الأسلحة من بريطانيا وهذا كلّف بريطانيا مليارات الدولارات. وبعد أن عادت دول الخليج لعقد صفقة مقاتلات "تايفون" البريطانية، فرضت أن تمر هذه الصفقة على البحرين وأن تتم عبر ملك البحرين تحديداً، وهي رسالة تفهمها بريطانيا جيداً. لقد قاموا بإرسال ملك البحرين بالذات لإتمام هذه الصفقة. ملك البحرين لم يكن يستطيع مقابلة رئيس وزراء بريطانيا بصورة عادية، فأعطوه صفقة الأسلحة لكي يعملها هو.

الموقف البريطاني من النضال البحريني بشكل عام وخلال جميع الحقب التاريخية، وفي أحلك الأزمات التي شهدها الشعب البحريني لم يكن لهم موقف مشرّف معنا. ورغم التاريخ الطويل الذي لديها، فإن المصالح البريطانية فوق القيم والمبادئ. بريطانيا لم تقف مع الشعب البحريني في أي مرحلة من مراحل النضال في البحرين. دائمًا تقف مع النظام. بل إنها تستغل كل أزمة تمر بها البحرين لصالحها اقتصادياً. الأزمة الأمنية منذ 2011 تركت فراغاً وهبوطاً في ميزان التبادل التجاري بين البحرين والدول الأوربية، وبدل أن تقف مع الدول الأوربية في موقفها أتت بريطانيا لملء هذا الفراغ واستغلاله. لهذا السفير البريطاني قبل أسابيع صرّح بأن الميزان التجاري ارتفع 30٪ بين بريطانيا والبحرين في 2012، في حين انخفضت هذه النسبة عند دول العالم الأخرى. لقد صدر اليوم 29 مايو بيان من مؤسسة هيومان رايتس ووتش يدين الموقف البريطاني الرسمي تجاه قضية الشعب البحريني، قال التقرير بالحرف الواحد "سيظل الاستقرار والإصلاح أمرين بعيدي المنال في البحرين ما دام حلفاء البلاد، وخاصة المملكة المتحدة، يوفرون لها مساندة بدون أي انتقاد، رغم وجود أدلة متزايدة عن الانتهاكات".

نبيل رجب 2

المرآة: هل تعتقد أن زيادة جرعة الطائفية التي يتبعها النظام ويمارسها ذات هدف محدود أم مستمر؟

رجب: هي ليست شيئا آنيا أو محدودا، بل هي تسير ضمن مشروع تأصيل طائفي. هناك مشروع إعادة هندسة لكل شيء: إعادة هندسة سكانية تتمثّل في استبدال الشعب الأصلي وإضعاف وجوده وتحويله إلى أقلية، وهناك إعادة هندسة تاريخية تتمثّل في إعادة كتابة التاريخ ومحو جزء أصيل منه ودثره، وهناك إعادة هندسة الناحية الثقافية والاجتماعية. كل هذا من أجل تحجيم ثقل سكان البلاد الأصليين بحيث لا تعد هذه الفئة تشكّل عبئاً مستقبلياً على النظام أو ثقلا اقتصاديا أو اجتماعيا.

النظام يسير وفق استراتيجية وُضِعت منذ العام 2004، وضعت تحديداً بعد خروج مسيرة العلماء ضد قانون الأحوال الشخصية، هذه معلومة مؤكدة وليست تحليل.

قبل هذه الحادثة كان هناك تياران في السلطة أحدهما يدعو إلى تهميش الشيعة وفق ما جاء في تقرير البندر فيما بعد. تمكن هذا التيار من تعزيز موقفه بعد خروج تلك المسيرة لما أظهرته من قدرة علماء الدين الهائلة على تحشيد الناس وتكتيلهم. منذ ذلك التاريخ قرّر النظام إضعاف وجود السكّان الأصليين بحيث لا يعودون يشكلّون ثقلاً يضغط على النظام، وتطويق علماء الدين الشيعة ومؤسساتهم الخيرية والمآتم. ورغم انكشاف هذا المخطط في تقرير البندر في 2005، لكن لم يتم تغيير شيء، سار المخطط وفق ما هو مرصود له، ومع الأسف عندما ظهرت فضيحة البندر في ذلك الوقت، كانت الجمعيات السياسية مشغولة بالإعداد للانتخابات، وهذا ذبح أي نوع من ردة الفعل القوية، وبقت ردة الفعل تجاه تلك الجريمة محدودة جداً في ذلك الوقت، الآن بعد سنوات طويلة من الواضح أن الجميع أدرك المخطط، لكن كان هذا متأخرا جداً.

الآن هناك كانتونات سياسية مختلفة من عرقيات جديدة يتم ضخّها في البلاد، هناك مدن كاملة تقام من أجل هؤلاء الذين يتم جلبهم وتجنيسهم من الخارج مع احترامي لكل الأعراق التي يأتون منها. بقرب سجن جو هناك مدن كاملة تبنى لهم، وهم معزولون عن الشعب الأصلي وكأنهم يعيشون في مستوطنات أو كانتونات. النظام يسير في مخطط على قدر كبير من الخطورة وهو ماض فيه على قدم وساق وبسرعة جنونية. وفي المقابل نجح النظام في إنجاز المنظومة القانونية المقيدة للحريات، ووضع الجمعيات السياسية والأهلية تحت يد السلطة، وتطويق حركة علماء الدين الشيعة والمؤسسات الخيرية والمآتم.

المرآة: كيف يمكن للشعب البحريني مواجهة هذا المشروع وإيقافه؟

رجب: يجب أن تكون هناك مقاومة قوية من الشارع البحريني ومن السكان الأصليين لمقاومة هذا المشروع وضربه وتحديه. من واجب هذا الشعب إفشال هذا المشروع بكل طرق المقاومة السلمية الممكنة أمامه. هذه جريمة كبرى ومؤامرة في حق البحرين ويجب مواجهتها.

لدي مشروع لن أعلن عنه الآن، فأنا لازلت بصدد بلورته وتأصيله، لكنه سيحدث ردود فعل قوية وجدل كبير في الشارع كما أتصور، هدفي من هذا المشروع أن أؤكد للسلطة أن كل مشروع تقوم به لمحاصرة السكان الأصليين وإضعافهم وتقليص عددهم ووجودهم، سيواجهونه بتحدٍ يثبّت وجودهم في أرضهم كقوة أكثر وأكثر. لازلت بصدد بلورة هذا المشروع والتأصيل له وسأعلن عنه في الوقت المناسب. هذه مؤامرة خطيرة وجريمة وواجبي أن أفشل هذا المشروع.

المرآة: هل هناك آلية معينة لإجبار السلطة على الاستجابة لحوار جدي؟

رجب: باعتقادي الآن لا يوجد. الحل صار أصعب الآن، ونحن صرنا أبعد من أي حلول سياسية. أعتقد أننا في هذه المرحلة نعتمد على العمل الشعبي الضاغط. الخارج يمكنه أن يساعد لكن الحراك يجب أن يكون من الداخل.

المرآة: في المؤتمر الصحافي الذي عقدته بعد يوم من الإفراج عنك، نقل عنك أنك قلت إذا لم أعط حقوقي سأدعو إلى إسقاط النظام، ما مدى دقّة هذه العبارة؟

رجب: كان ذلك في معرض تبرير لسؤال وجه لي بشأن الانقسامات في الشارع بين معارضة تريد إصلاح النظام ومعارضة تريد إسقاط النظام. وضربت ذلك على سبيل المثال، أنا في الحقيقة لا أريد إسقاط النظام، وإن كنت مع تغيير النظام، لكن كان قولي ذاك على سبيل ضرب المثال، أي عندما لا تستجيب السلطة لمطالبي فإنها تجبرني على هذا.

عملي ليس تغيير ولا إسقاط النظام. نحن حقوقيون ملتزمون بمعايير حقوقية معينة. ليست مشكلتنا مع شكل النظام الحاكم، هذا شأن يسوّى بين الأطراف السياسية والحكم. أنا عملي أن أتأكد من أن القضاء ضمن هذا النظام يكون مستقلاً، التعذيب يتوقف داخل السجون، الاعتقالات التعسفية تتوقف، التمييز ضد سكان البلد الأصليين يتوقف، لدينا مؤسسة قضائية مستقلة، مؤسسات مجتمع مدني حر، مؤسسة تشريعية لديها القدرة والقوة على التشريع والرقابة، هذه هي معايير عملي. أما أن المعارضة تريد قلب النظام أو إصلاحه ليس من صلب عملي. لكن هذا يأتي من حق الشعوب في تقرير المصير. ليست هناك مشكلة في مطالبتك بتغيير النظام.

غدا.. على هامش الحوار.. اللحظة التي أبكت نبيل رجب

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus