صدمة الجدار: الموالاة تكتب خيبتها

2011-08-17 - 9:24 ص


الحد بنكهة "محمد خالد"



مرآة البحرين (خاص): ليس خبراً ملفتاً أن قرية ما من قرى المحافظة الشمالية زيّنت جدرانها بالشعارات المطلبية، وحين تسمع عن مجموعة من الشباب قاموا بالكتابة على جدران قرى في المحرق بالطبع لن يذهب أفق توقعك إلا لقريتي "الدير و سماهيج"، باختصار إنه الجمهور المعارض كان وما يزال يرى في الجدار(1) متنفساً للغضب المكبوت، وممارسة احتجاجية لواقع يرى أنه مليء بالظلم والفساد والتمييز والطائفية.

الخبر سيكون ملفتاً، وكذلك ستكون صدمتك كبيرة، حين يخبرك أحدهم أن الكتابات على جدران مدينة (الحد)، هذه المنطقة المحسوبة حالياً على الموالاة، والمزايدة في موالاتها  على غيرها، ترى نفسها في سباقٍ دائم مع البسيتين حيث الساحة المسماة بساحة الشرفاء، والتي ضُربت عليها خيم الموالاة ولافتاتها التي ترفع المشانق علامة مزايدة وانتقام، وتدعو إلى إعدام المحتجين وتسميهم بالخونة. الحد تقدم نفسها منافساً للبسيتين، وهي منطقة نفوذ رئيس تجمع الوحدة (عبداللطيف المحمود) الذي يقطنها، فما الذي حدث؟ ولم الكتابة على جدرانها الموالية؟
   

من الجيد أن نعرف أنها المحاولة الأولى لجمهور الموالاة في التعبير عن نفسه على جدران المنازل، قبلها اعتاد مراهقو هذه المنطقة ملء الجدران بجمل الحب ورسومات تشي بجرأة جنسية، لكنها المرة الأولى التي يكتب فيها عن الشأن السياسي، عن الإحباط وعن الغضب الذي يعتمل في قلوب شبّانه، كما أنها الرسالة الواضحة التي يستلمها الحكم، على أن أمثال النائب السابق (محمد خالد) الذي لا يعرف من الكلام غير أبجديات الكراهية، قد نجح وأشباهه في شحن نفوس الموالاة على الشارع الشيعي تحديداً، بالقدر الذي صاروا يتجرؤون فيه على الوقوف ضد الحكومة، فيما لو أبدت الحكومة أي نية بالتنازل، وأن هؤلاء ليسوا قلائل ولا عديمي حيلة، بل باستطاعتهم أن يشاغبوا النظام ويزعجوه إن حدث شيء ما على غير رضاهم .

 الجمعة 12 أغسطس/ آب 2011، ستفاجأ وأنت تسير في بعض شوارع منطقة الحد، ستجد على جدران بعض البيوت كتابات من مثل:

  • "أحمي الوطن وأعيش في السجن"
  • "إلى متى يا حمد"
  • "الشرطة في السجون والشيعة إفراج"
  • "تحمي الوطن جزاك السجن"
  • "الشرطة في السجن والخونة في نعيم"
ما سر هذه الشعارات؟ وما القضية التي استدعت هيجان الشارع الموالي باللجوء للكتابة على الجدران؟ بالطبع هي ليست قضية مطالب ديمقراطية ولا حقوق ولا صلاحيات ولا رفض لفساد الحكومة ولا قضية حريات سياسية، بل هو احتجاج من نوع آخر، ستجده فقط في البحرين. الاحتجاج ليس ضد التعذيب الوحشي الذي صدر من 5 من رجال الأمن ضد موقوفين مسالمين، بل ضد توقيف هؤلاء، بعد أن ثبت قيامهم بتعذيب موقوفين (؟!).

التوقيف لم يكن ليحدث بطبيعة الحال، لو لم تتم مفاجأتهم بدخول أحد محققي لجنة بسيوني مركز شرطة البديع، ليشاهد بنفسه جسم شابٍ حُفر للتو بأعقاب السجائر، مع آخرين تم إلقاء القبض عليهم من قرية بني جمرة. تم توقيف ال5 بعد الفضيحة. ولولا الفضيحة تمت أمام عضو اللجنة التي لم يكن من الممكن نفيها أو نكرانها أو وصفها بالفبركة، لما اهتم أحد. هذا التوقيف الفضائحي لم يرق لمحمد خالد وأتباعه، شن من حينها هجوماً ممنهجاً ضد (النظام)، مفسراً تلك الخطوات بأنها "تراجعات" لا يمكن السكوت عنها. هكذا يشن الموالون الهجوم على النظام لا حين يفسد، بل حين يتدارك شيئاً من فساده، خوفاً من الفضيحة.


 
إنه خط المتشدد محمد خالد، ولعل هذه الكتابات تكشف هوية أصاحبها حين نربطها بجدران (الحد) في عيد الأضحى وإعدام (صدام حسين) فقد امتلأت جدران المدارس والبيوت بشعارات مؤيدة لصدام ومنددة بمناوئيه، كذلك هذه الجدران شاهدة على هوية تيار محمد خالد وطبيعة خطابه الطائفي المتشد، فإلى هذا الخطاب تعود شعارات كتبت فوق جدار (الحد) خلال الأشهر الماضية وكانت تدعو إلى طرد الشيعة منها وتطهيرها من الخونة.

على مواقع التواصل الاجتماعي، يكتب هؤلاء عن 5 رجال أمن موقوفين، يأتي وقت الإفطار فيفطرون بعيداً عن أهلهم، بينما لا يرون أن مئات المعتقلين من الأطباء والنشطاء والحقوقيين والمعلمين، يحق لهم أن يتناولوا وجبة الإفطار الرمضانية مع أهلهم، رجال الأمن المنتهكون لحقوق الإنسان أشراف في نظرهم ومخلصون ومدافعون عن الوطن، أما من عبّروا بسلمية عن آرائهم فما هم إلا خونة وعملاء وأذناب لإيران يجوز إعدامهم حتى.

الإعلام الشعبي لعب دوراً مهماً في أوساط المعارضة، ولأن الموضوع ليس بالجديد، فقد تحوّلت الكتابة على الجدران مؤخراً إلى فنّ يقصد من ورائه التحدي وتبيان الصمود ولفت الأنظار.مواقع التواصل الاجتماعي تمثّل في 2011 الإعلام الشعبي للمعارضة، أما الموالاة فعلى ما يبدو ستبدأ ما بدأته المعارضة في السبعينات، ستبدأ بالكتابة على الجدران معبرين عن امتعاضهم، لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح: إلى أي مدى يستطيع هذا الجمهور أن يرفع صوته متمرداً؟ وهل يمكن أن يتمرد يوماً من أجل نصرة قضايا وطنية، لا نصرة مصالح خاصة؟

  1. انظر تقرير الكتابة على الجدران: مرآة البحرين

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus