براين دولي: الاضطرابات في البحرين

2014-08-14 - 8:09 م

براين دولي، آيريش أمريكا

ترجمة: مرآة البحرين

اسأل غالبية الناس ماذا يعرفون عن البحرين؟ أحتمل ألا تكون معرفتهم كبيرة، ولكن هذه الدولة التي تعتبر الأصغر في الشرق الأوسط لم تُشتهر كثيرًا بسباق الجائزة الكبرى للسيارات أو صناعة اللؤلؤ. ولكن في السنوات القليلة الماضية، اشتُهرت بهجومها على الكادر الطبي بعد علاجه المحتجين الجرحى الذين أصيبوا في جزء من احتجاجات الربيع العربي 2011.

وردًا على الدعوات المطالبة بالديمقراطية في مارس/آذار وأبريل/نيسان2011، اعتقل النظام البحريني آلاف الأشخاص وكان من بينهم العشرات من الكادر الطبي، وقد أدى هذا الإعتقال إلى انتقادات دولية واسعة بعد الروايات والقصص الأكيدة التي رواها هذا الكادر حول سوء المعاملة التي تلقاها في السجن. بعض هؤلاء الأطباء تدرب وعمل في إيرلندا.

البحرين ديكتاتورية قديمة الطراز حيث يسيطر الملك على الحكومة والدستور - عم الملك هو رئيس وزراء هذه المملكة وهو غير منتخب ولا يزال في منصبه منذ أكثر من 40 عامًا، بالإضافة إلى أن معظم الوزراء هم من الأسرة الحاكمة. ترى حكومة الولايات المتحدة في البحرين حليفًا مهمًا وإن بغيضًا، فرغم بعض الأصوات التي تعالت من مجلس الشيوخ الأمريكي منتقدة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين - لاسيما النائب جيم ماكغفرن عن ولاية ماساتشوستس - إلا إنه تم بشكل عام إسكات هذه الأصوات لأن الولايات المتحدة تزود الجيش البحريني بكل تجهيزاته تقريبًا كما أن البحرين موطن للأسطول الأمريكي الخامس.

وخلال زياراتي التي قمت بها إلى البحرين، لصالح منظمة هيومن رايتس فيرست، قمت بتسجيل الشهادات التي أدلى بها الكادر الطبي ــــ كيف تم تكبيل أيديهم وتعصيب أعينهم وتعذيبهم للإدلاء باعترافات باطلة مرتبطة بالتآمر للإطاحة بالنظام بالقوة المسلحة. كما إنني حضرت بعض جلسات المحكمة حيث جرت محاكمات صورية واتهام 20 فردًا من الكادر الطبي بارتكاب جنايات (و27 آخرين بارتكاب جرائم أقل خطورة)، وشهدت رفض القاضي لمزاعم التعذيب التي ادّعاها هذا الكادر.

وتلقى أربعة أطباء - من الذين اتهمتهم محاكم البحرين بارتكاب جنايات- التدريب في دبلن في الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا، فيما تلقى آخرون تعليمهم في فرع هذه الكلية في البحرين والذي تم افتتاحه في عام 2004. وقد تعرض جميعهم للتعذيب للتوقيع على اعترافات بجرائم لم يرتكبوها -حيث أدانتهم المحكمة العسكرية وحكمت عليهم بالسجن بين خمسة أعوام و 15 عامًا.

وأسفرت الإحتجاجات الصادرة عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحكومات أخرى عن استئناف مدني في يونيو/حزيران 2012 تم خلاله تبرئة تسعة منهم، ولكن الدكتور علي العكري المتخصص في جراحة العظام والذي تدرب في إيرلندا من عام 1999 وحتى عام 2002 وعمل في مستشفى تامبل ستريت لا يزال في السجن وهو يقضي حكمًا لمدة خمس سنوات.

وقد تعرض أطباء آخرون للتعذيب أثناء الحجز ومنهم: الأخصائي في جراحة العظام، الدكتور باسم ضيف الذي تدرب أيضًا في دبلن وكذلك شقيقه الدكتور غسان، الاستشاري في جراحة الوجه والفكين، وزوجته الدكتورة زهرة السماك، استشارية التخدير، والدكتورة فاطمة حاجي، اختصاصية أمراض الروماتيزم، التي تلقت تعليمها في فرع الكلية الملكية للجراحين في البحرين.

وروى لي الدكتور غسان كيف تم إيقافه في المطار عندما كان يحاول مغادرة البحرين في أوائل عام 2011 مع عائلته وكيف تعرض للضرب على يد رجال ملثمين أمام زوجته وأطفاله قبل أن ينقل إلى السجن ويتعرض للتعذيب لعدة أيام بعد ذلك.

أما الدكتورة فاطمة حاجي، فقد روت لي كيف تم تعصيب عينيها وتكبيل يديها وراء ظهرها وضربها وقالت لي "لقد أخذت إحدى الشرطيات تضربني على رأسي من الجانبين في نفس الوقت وكانت تضع في يدها ما تبين لي لاحقًا بأنه حزمة كهربائية وراحت تصعقني بالكهرباء عدة مرات - وشعرت بموجة كهربائية تجري في رأسي. كان ذلك مؤلمًا جدًا وقد شعرت بدوار كبير للغاية. وقد تعرضت للضرب مرة أخرى على رأسي".

أما الدكتور داميان ماكورماك، وهو جراح في مستشفى دبلن ماتر وقد تدرب بعض الأطباء البحرينيين على يديه في دبلن وكان قد ناضل بشدة للدفاع عنهم، فهو يتذكر الدكتور علي العكري ويقول إنه كان رجلًا "محترمًا ولطيفًا" وإنه كان يعمل بجد ويتمتع بروح عالية وإنه "بطل من أبطال هذا العصر."

ترأس ماكورماك وفدًا من الأطباء والسياسيين الإيرلنديين وسافر إلى البحرين في يوليو/تموز 2011 للتحقيق فيما حدث، ولكن خاب أمله بعد الرد السيء الذي صدر عن الكلية الملكية للجراحين وغيرها من الهيئات الطبية الإيرلندية فيما يرتبط باستهداف الأطباء الذين تدربوا في إيرلندا. وقد كان صريحًا في انتقاداته التي وجهها إلى فرع الكلية الملكية للجراحين في البحرين حين أجبرت طلابها على أداء قسم يمين الولاء للملك والتوقيع على تعهد بعدم الإحتجاج.

وقد اشتد هذا الخلاف خلال الأشهر الأخيرة بعد سعي فرع الكلية الملكية للجراحين في البحرين إلى الحصول على تفويض المجلس الطبي الإيرلندي IMC. وفي جلسة للبرلمان الإيرلندي في أبريل/نيسان 2014، نفى رئيس فرع الكلية الملكية للجراحين في البحرين البروفيسور جيم فينوكين حصول أي تعذيب في المستشفيات البحرينية من العام 2008 وحتى عام 2013، خلافًا للتقارير الصادرة عن المنظمات الرائدة في مجال حقوق الإنسان.

وسوف يعمد المجلس الطبي الإيرلنديIMC في وقت قريب إلى تقييم حسن نوايا الكلية في طلب التفويض. هذا ولم يتم تقديم أي مسؤول بحريني كبير للمساءلة عن التعذيب الذي لحق بالكادر الطبي الذي تدرب في إيرلندا وغيرها من الدول، أما الدكتور العكري فيبقى في السجن.

 

أغسطس/آب و سبتمبر/أيلول2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus