قضية مدرسة ابتدائية تكشف الواقع المرير: معلّمون مصريون يتنازعون السيطرة على مدارس البحرين
2014-09-08 - 8:58 م
مرآة البحرين (خاص): لقيت حادثة في مدرسة مريم بنت عمران الابتدائية للبنات صدى واسعا في المجتمع التعليمي في البحرين، بعد أن أثارها برنامج تلفزيوني مصري في حلقة خاصة قبل أيام.
وكشفت الحادثة عن مدى التنازع بين مئات المعلمين المصريين، من أنصار الإخوان المسلمين وأنصار الرئيس السيسي، في السيطرة على مدارس البحرين. ويعتقد مراقبون أن المعلّمين المصريين والعرب باتوا يشكّلون أغلبية عظمى في القطاع التعليمي بالبحرين، لأوّل مرة منذ 30 عاما.
وكانت الصحفية المصرية زينب حافظ قد كتبت في 9 مارس/آذار الماضي بجريدة أخبار الخليج البحرينية مقالا تحت عنوان "إشارات «إخوانية» في فصول مدرسة بالمحرق!"، وذكرت أن مدرسة مريم بنت عمران الابتدائية للبنات "جاءت بتقليد جديد وغريب وهو طباعة لوحة تعريفية تتضمن إشارات لأصابع اليد تتعامل بها الطالبات مع معلماتها"، وبموجب هذه اللوحات فإن أي طالبة تريد شرب الماء عليها أن ترفع علامة رابعة (أربعة أصابع)، ومن تريد الذهاب للحمام عليها أن تشير وفقا للوحات الإرشادية بعلامة النصر (رفع إصبعين).
وبالرغم من أن هذه الإشارات متفق عليها من قبل وزارة التربية والتعليم ومن توصيات هيئة ضمان الجودة إلا أنه وبحسب الثقافة المصرية اعتبرت هذه الإشارات ذات إيحاءات سياسية تشير لرابعة العدوية مركز اعتصام الإخوان المسلمين في مصر، والذي تم فضّه بالقوة في العام الماضي، وأصبحت هذه الإشارات نوعا من السباب بين أنصار السيسي وبين الإخوان في المدرسة ذات الغالبية المصرية.
وقد ألقت صاحبة المقال باللائمة أولا على معلمة الصف الثالث، وهي بحرينية لا تعرف ما تعني إشارات رابعة العدوية أو السيسي، كونها لم تمنع طالباتها من استخدام هذه الإشارات، كما صبت جام غضبها على مديرة المدرسة التي لم تبادر بإلغاء استخدام هذه الإشارات بناء على طلب أولياء الأمور.
واعتبرت زينب حافظ أن القضية أخذت منحى خطيرًا عندما فسرت إحدى المعلمات من أتباع الإخوان أن «شرب الماء يعني رابعة»، وفسرت أخرى الآية الكريمة «فأصبحتم بنعمته إخوانا» بأن كلمة إخوانا تعني "نحن جماعة الإخوان".
وبعد نشر المقال وما أحدثه من ضجة استدعيت المعلمات للجان تحقيق تابعة لوزارة التربية وأخرى تابعة للنيابة العامة وبناء عليه تم منع المعلمات المصريات من الحديث في الشأن السياسي داخل المدرسة، أما والد التلميذيتين نوران ولجين الأستاذ محمد، وهو من أنصار السيسي، فقد أنهيت خدماته وتقرر عدم التجديد له، لأنه اتّهم بأنّه المتسبب الأول في إثارة القضية في المدرسة إلى جانب زوجته.
وحينها لجأ الأستاذ المذكور لرئيس الرابطة المصرية في البحرين ياسر سعيد كي يتدارك قرار إنهاء خدماته، ونجح رئيس الرابطة في ذلك بالفعل، بعد أن قدم الأستاذ محمد اعتذارا لوزارة التربية عما بدر منه وبذلك ضمن الرجوع مرة أخرى للبحرين.
في 17 أغسطس/آب الماضي تلقى الأستاذ محمد نبأ عدم تجديد دورته للبحرين عبر القنصلية البحرينية، وأنه أصبح غير مرغوبا به في البحرين وممنوعا من دخولها، وقد ذكرت له سكرتيرة القنصلية بأن وزارة التربية غير قادرة على حمايته وأن رجوعه سيتسبب بخطر على حياته، وهو الأمر الذي شكّل له صدمة.
ووجد المعلّم المذكور أن التلفزيون هو أفضل وسيلة للثأر من جماعة الإخوان في البحرين، حيث استضيف على أحد البرامج في قناة دريم المصرية، ليروي تفصيل قصّته، وانتشر فيديو البرنامج الذي استضافه على نطاق واسع في اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، ورأى مراقبون أن البرنامج كشف حجم نفوذ الإخوان المسلمين المصريين في البحرين وعلى الخصوص سيطرتهم على وزارة التربية والتعليم، في مقابل منافسة أنصار "السيسي"!
وساند المعلّم المذكور رئيس الرابطة المصرية في البحرين ياسر سعيد الذي أكد في حديثه خلال البرنامج على انتشار "ممارسات الإخوان السياسية في البحرين خاصة في المدارس" وذكر بعض الأمثلة لممارسات الإخوان كتمزيق صورة الملك البحريني وصورة الرئيس السيسي ووضع صورة الرئيس المخلوع محمد مرسي على سياراتهم في البحرين.
وأكد سعيد بأنهم في حرب شرسة مع الإخوان في البحرين خاصة مع وجود معلمين كانوا قد شاركوا باعتصام رابعة العدوية حسب قوله، وأضاف بأن الجمعية الوحيدة المشهرة في البحرين للمصريين هي لجماعة الإخوان، وقد استطاعوا أن يغلقوها بعد عدة شكاوى ومحاولات.
وأشار سعيد بأن البحرين تضم عددا كبيرا جدا من أنصار الإخوان، وأنهم تغلغلوا في وزارة التربية وسيطروا عليها وعلى قراراتها، ورأى بأن لديهم اليد الطولى في منع الأستاذ محمد من دخول البحرين.
وشاركت الكاتبة زينب حافظ عبر الهاتف في البرنامج متفاخرة بأنها هي من فجرت القضية، وقالت إن الإخوان باتوا يشكلون "مافيا" غير عادية في البحرين.
في البرنامج شاركت الطفلتان لجين ونوران، وقد اعتبر مقدم البرنامج بأن هاتين الطفلتين ضحيتين لممارسات الإخوان، رغم أن معلمة لجين بحرينية لا علاقة لها بمصر وسياسات الإخوان أوالسيسي، ومع ذلك اعتبر البرنامج الطفلتين ضحية وطلب منهما مقدم البرنامج عدم السكوت عن أي أحد يسب رئيسهم أو يشوشهم، حسب تعبيره.
وفي تفاصيل القصّة التي تلقّتها مرآة البحرين، تبيّن أن الطفلة لجين قد أخذت بطاقات الإشارات من صفها دون علم معلمتها وأعطتهم لوالدتها، وعوضا عن تنبيهها بحجم هذا الخطأ ذهبت الأم للمدرسة لتعترض على ما هو موجود بالبطاقات من إشارات.
وخلال البرنامج أمل الأستاذ المصري المطرود محمد بإرجاعه لعمله في البحرين، مؤكدا بأن وكيل وزارة التربية الشيخ هشام آل خليفة قد أخبره بأنه لما نجح مرسي في الانتخابات زاره السفير البحريني ليبارك له، وعندما نجح السيسي ذهب الملك بنفسه ليبارك له، مشيرا إلى أن معنى هذا أن البحرين تؤيّد السيسي وضدّ مرسي.
وقال محمد إن رئيس اتحاد العمال المصري جبالي المراغي وعدهم خلال زيارته للبحرين للبحث في فرص عمل للمصريين بأن يتكلم عن موضوع إرجاعه لعمله مع رئيس ديوان الخدمة المدنية ووزير العمل.
المعلّمون المصريون يتنافسون على مدارس البحرين والمستوى التعليمي في تدهور
وكشفت الحادثة عن عمق الأزمة التي يعاني منها قطاع التعليم في البحرين، بعد استبعاد الكفاءات البحرينية في مقابل ضخ عدد ضخم من المعلّمين العرب والمصريين تحديدا في مختلف مدارس البحرين، رغم وجود آلاف العاطلين الجامعيين من البحرينيين الشيعة، أمضى بعضهم أكثر من 8 سنوات بانتظار توظيفهم في وزارة التربية دون طائل.
وقال مراقبون إن الحادثة كشفت النقاب عن ما آلت إليه مدارس البحرين من واقع مرير بعد توغل المجنسين والمعلّمين الأجانب فيها، ورأوا إنها تكشف أيضا عن مدى سيطرة أنصار الأخوان المسلمين على برامج التعليم وأنشطته، وإدخالهم الصراع الدائر بين أنصار الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي وأنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي، إلى أروقة المدارس البحرينية، ما اعتبروه تطوّرا خطيرا، ومؤشّرا على أن المدارس البحرينية باتت ساحة تنافس ونزاع بين المعلّمين المصريين.
ورأى مهتمون بالشأن التعليمي أن مستوى التحصيل في المدارس الحكومية آخذ في التدهور بشكل غير مسبوق نتيجة السياسات التي تتبعها وزارة التربية والتعليم، التي يرأسها ماجد النعيمي، وأشاروا إلى أن نتائج الامتحانات الوطنية تكشف بوضوح عن تراجع كبير في المستوى التعليمي بمختلف المراحل الدراسية، مرجّحين أن يكون السبب الأبرز هو ازدياد عدد المعلمين العرب والأجانب في المدارس الحكومية، فضلا عن التنظيمات والقرارات الوزاية التي تخص المناهج والدوام المدرسي وغيرها.
واستؤنف العام الدراسي الجديد في البحرين يوم أمس الأحد 7 سبتمبر/ أيلول 2014.
وكانت صحيفة الوسط قد نقلت عن أولياء أمور يوم أمس استبدال معلمات ومعلمي أبنائهم البحرينيين، بآخرين من الجنسية المصرية والأردنية.
وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الزايد أكد في 2 سبتمبر/أيلول الجاري أنه قد تم إنهاء إجراءات التسجيل لـ 302 مدرس مصرى، في سوق العمالة للعمل بالتدريس خلال العام الدراسى الحالى، مؤكدا أولوية استقدام العمالة المصرية في إطار الوظائف الحكومية بالوزارات والهيئات التابعة للمملكة.
كما أعلن في 5 سبتمبر/أيلول الجاري في السفارة السعودية بالبحرين عن توظيف معلمين سعوديين جدد خلال حفل استقبال في السفارة السعودية بالبحرين جدد حضره وكيل وزارة التربية عبدالله المطوع.
إجبار الطالبات على رفع إشارة رابعة طلبا للماء إشارات «إخوانية» في فصول مدرسة بالمحرق!