في الذكرى السادسة لثورة 14 فبراير... نائب أمين عام الوفاق يؤكد الحاجة لتفاوض برعاية أممية واستفتاء شعبي

2017-02-14 - 10:40 م

مرآة البحرين: وجه نائب أمين عام الوفاق الشيخ حسين الديهي خطابا متلفزا في الذكرى السادسة لثورة 14 فبراير أكد فيه الحاجة إلى تفاوض سياسي جاد وبرعاية أممية تخضع لاستفتاء شعبي.

وقال الديهي "أمام الواقع السياسي المتردي في البحرين (....) فإن الحاجة تصبح  ملحة لعملية سياسية ديمقراطية شاملة تكون نتاج تفاوض سياسي جاد وبرعاية أممية تخضع للاستفتاء الشعبي، كما أنّ من الضروري لنجاح أي عملية سياسية ممكنة هو ابعاد الأطراف التأزيمية في النظام التي لا تؤمن بالشراكة السياسية"... وفيما يلي نص الخطاب:

السلام عليكم يا أبناء شعبنا، الأبي الصامد

السلام على شهدائنا الأبرار، وجرحانا الصابرين، وأسرانا الأباة

السلام على أمهات وعوائل الشهداء والجرحى والأسرى

السلام على الشهداء الأقمار عباس السميع، وسامي مشيمع، وعلي السنكيس

السلام على من هم أحياء عند ربهم يرزقون، شهداء الحرية والكرامة، المقتولون خارج اطار القانون،

الشهداء السعداء: الشهيد رضا الغسرة، والشهيد مصطفى يوسف، والشهيد محمود يوسف.

وهنا أنتهز الفرصة في البداية لأقدم أصدق مشاعر العزاء والمواساة والتبريك لعوائل الشهداء الكرام، ولعموم شعب البحرين. وأقول لكم بأننا خجلون و ممتنون لعظيم تضحيتكم وعطائكم ....وخصوصا من أمهات الشهداء الكرام اللاتي سجلن أرقى معاني الصبر والتضحية ...

لقد أطلّت السَّنَةُ السادسةُ من عمر ثورة الرابع عشرَ من فبراير بوجهٍ لا يُشبِهُهُ في ملامح العزَّة والإباء والفداء والقدرة على التغييرِ وَجْه.. وجهٌ يُقرَئُ فيه الأملُ، ويشرقُ منه شُعاعُ الشهادة، ويتجلى فيه الصبر العنيد، وترسيخ المقاومة المدنية السلمية الحاسمة، والقرار الأكيد..

ولإنْ يَستقبِلُنا اللهُ الحكيم العليم بهكذا وجهٍ فإنه من نظراته الرحيمة وألطافه الكريمة وهي بُشرى للمستضعفين بأنَّ النصرَ مصنوعٌ على عين الله و بتدبيره و على مشيئته.

لقد مضت ستُّ سنين من عمر الثورة التي اتفقت كلمةُ أنظمةِ الاستبداد على تغييبها وإطفاءِ نورها، واستقوتْ عليها الجيوش، وفُتحت لِوأدِها الميزانيات من مختلف أسواقُ السلاح، وبُذلت لها وسائلُ الإعلامِ المُضَلِّل، وبِيْعَت لكسرِ شوكتِها الضمائر..

ستُّ سنين مارس فيها النظام القبلي كل أنواع الإنتهاك السياسي والأمني والمدني والحقوقي والأخلاقي والإنساني والديني والمذهبي، فلم يترك جريمة إلا وارتكبها في حق الشعب لا لشيء إلا لأنه شعب أبى إلا أن يعيش حرا  لا يقبل الذل ولا يسكت عن حقٍّ أعطته له كل الشرائع والقوانين السماوية والأرضية..

لكنَّ وعي هذا الشعب العظيم وإصراره على التغيير واستعداده الأسطوري لتقديم مختلف التضحيات وتمسكه بقيادته الحكيمة والقامة الوطنية الشامخة سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم دامت بركاته ومتعنا الله بطول بقائه الذي أنذر قبل الرابع عشر من فبراير 2011 بقوله: إن الطوفان انطلق لا ليهدأ، وبصرخته الخالدة بعد أن سفكت الجيوش الدماء، واستباحت الحرمات، ونشرت الرعب: هذه دماؤنا هذه رقابنا فداء لديننا وعزتنا.. هزمَ كل هذا الجَمْعَ فتقهقر الاستبداد أمام هذا الحزم والعزم والإرادة الفولاذية المتوكلة على الله سبحانه، وكان فصلُ الخطاب: ستهزمون ولن نهزم، وستعجزون ولن نعجز.

أيها الأحبة والأوفياء،،

بعد أن أنهيتم ستُّ سنين من الصبر والصمود والعزم والشجاعة والانضباط والحرفية والوفاء والصدق والوطنية، وصلتم الى منعطف مهم جداً في الحراك السياسي والحقوقي والميداني والدولي، وعلى كل المستويات، والعالم كله يقف إكباراً واجلالاً واحتراما لهذا المستوى من إدارة الصراع بكل سلمية ووطنية مع السلطة الغبية الفاشلة.

بعد ستُّ سنين من المليارات التي دفعها النظام والتستر خلف الشعارات والوعود الكاذبة حول الإصلاح السياسي والمؤسسات الصورية كالأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ووحدة التحقيقات الخاصة  ومفوضية السجناء والمشاريع الوهمية الأخرى وشركات العلاقات العامة ودعم أنظمة الاستبداد اللامحدود في كل الاتجاهات من أجل تحسين وتجميل قبح السلطة وجرائمها وتجاوزاتها، لقد خسروا كل ما قاموا به وكل ما قام به حلفائهم من دعم وعمل وأموال ومواقف وسياسات وعادت السلطة لوجهها القبيح الملطخ بالدماء وفشلت كل المحاولات ومشاريع التضليل الاعلامية الضخمة.

وها أنتم يا شعب البحرين، بسلميتكم وصمودكم تكشفون مجددا وجه السلطة الحقيقي وتورطها في مستنقع سفك الدم الحرام والجرائم الطائفية وتمرغون أنفها في التراب، وتحولون كل مؤسساتها إلى ايقونات للفشل ومحل للاستهزاء على كل المستويات؛ فالمهزوم والضعيف هو الذي يتصاغر أمام الصمود فيقوم بالتهويش والقتل بلا هوادة.

ومع مرور ستُّ سنين من عمر هذا الحراك المطلبي السلمي، فقد نشأ جيل جديد من الشباب حمل لواء الثورة ، وهذا ما برهنت عليه التظاهرات الأخيرة، التي خرج فيها عشرات الآلاف السلميين وهم يرتدون الأكفان، فهل يظن صنّاع القرار في هذا النظام بأنّ العنف السياسي للدولة قد نجح في تحطيم إرادة الصمود لدى أبناء شعبنا، وأقول لهم: أنتم واهمون، فلا فترة السلامة الوطنية، ولا المحاكم الجائرة، ولا السجون، ولا سياسة التمييز والتجنيس، ولا كل سياسات القمع استطاعت أن تكسر عنفوان الحراك المطلبي في البحرين؛ وذلك على الرغم من كل الاستقواء والدعم الخارجي الذي يحظى به النظام في استخدام الخيارات الأمنية القمعية التأزيمية للضغط على الحراك إلا أنّه مع هذا الدعم فشل النظام في قمع الحراك أو كسر عزيمته، وكانت كلفة ذلك أن يقترب النظام اليوم من الإفلاس الاقتصادي كما هو مفلس سياسيا وقيميا.

وعلى ماذا يراهن هذا النظام، وهو يستبد في تفعيل المعالجات الأمنية، إن كان يظن بأنّ استمرار الدعم المتحصل عليه من قبل قوى دولية سيعينه في انجاز الانتصارات الوهمية فهو مخطئ، فالداعمون لهذا النظام مهزومون في كل ميادين الصراع الاقليمي.

إنّ البحرين تدخل سنتها السابعة مع استمرار الثورة الشعبية العارمة التي شارك فيها غالبية شعب البحرين.

فهل البحرينيون يرغبون في الأزمات؟، أو يطالبون بشيء يضر ببلدهم؟، أو يرغبون في أن يتراجع وضع البلد اقتصاديا وسياسيا وحقوقيا وانسانياً ؟.

إذا أين هي المشكلة ؟ ومن سببها ؟

إنّ شعب البحرين يطالب بالعدل والكرامة الانسانية والعيش الكريم والمواطنة المتساوية والاطمئنان والاستقرار وكل ذلك مفقود على كل المستويات فلا يوجد أمن للمواطن ولا أمن عام ولا أمن ديني ولا أمن تعليمي ولا أمن وظيفي ولا أمن سياسي ولا أمن معيشي ولا أمن فكري.

فالمطالبة بالمواطنة المتساوية  في البحرين جريمة، والمطالبة بحرية التعبير جريمة، والمطالبة بالديمقراطية جريمة، وهذه هي أكثر تهمة يحاسب عليها القضاء غير العادل والتشريعات المخالفة للقانون الدولي، ويزج المواطنون من أجلها في السجون التي امتلئت عن بكرة أبيها.

باختصار وبعيدا عن آلات التشويه الرخيصة، البحرينيون يطالبون ببلد ديمقراطي تحكم فيه الآليات الديمقراطية  السليمة، ويسود فيه العدل واحترام حقوق الانسان وبعيداً عن كل الاعلام المأجور والهزيل، نحن نريد أن نعيش كما تعيش الشعوب الاخرى المستقرة في العالم، نريد ان نكون أصحاب قرار في بلدنا، ولأن شعبنا لم يكن صاحب قرار، ارتفعت كل أسعار المواد الغذائية والمعيشية والخدمات والضرائب في الطريق قادمة، والأراضي نهبت والبحار سرقت والمال العام تبخر وصار النظام يقترض بلا حساب وسيصل الدين العام  إلى 9 مليار مع نهاية هذا العام.

لذلك نحن نسعى للشراكة الحقيقية التي تحفظ بلدنا وأرضنا وبترولنا وبحارنا وكل ثرواتنا الوطنية التي شارفت على النفاذ بسبب فساد الفئة الحاكمة التي سيطرت على الأخضر واليابس، وهي مستمرة في الاستحواذ والسيطرة حتى تجفيف كل شيء في هذا البلد.

فهل من المسئولية الوطنية أن نسكت عن الفساد والظلم؟ ، وهل من المسئولية الوطنية أن نتفرج على سرقة المال العام والأملاك الخاصة والعامة؟، وهل من المسئولية الوطنية أن نترك بلدنا عرضة للمزاج والانفعال والاسترخاص للأرواح والأنفس.

لقد خرب النظام العقد الاجتماعي ونقضه وشوهه وخرب المنظومة التشريعية والقانونية وكرس قوانين الاستبداد والاضطهاد وسلب الحقوق وجعل مؤسسات الدولة أدوات قمع وتهميش واقصاء وظلم وأيدي بطش واستنزف ثروات البلاد وخرب هويتها وطمس حضارتها وثقافتها وغير تركيبتها وأذل شعبها واستقوى بالغرباء وقدمهم ومكنهم وتسبب بإفلاس الدولة وارهاقها بالديون وسرق أراضيها وبحارها ونخر اقتصادها وأفقر تجارها وجهل شبابها.

كما تعمل السلطة على تهميش المواطن باحلال الأجانب مكانهم، والعمل على استبدال المواطن وجعله هامشيا في المعادلة، وكأن البلد شركة خاصة، يتم العبث فيها عبر هذا البرنامج غير المحسوب العواقب لا اقتصاديا ولا ثقافيا.

لقد خطط النظام لتنفيذ مشروعه العنصري والطائفي من خلال استهداف سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم والوفاق و والرموز العلمائية والسياسية ومختلف التيارات السياسية والقوى المجتمعية، وسقط هذا المشروع، وفشلت أجندة الاستهداف، ويكفينا للتأكيد على ذلك المشهد الملحمي والبطولي لأبناء شعب البحرين عندما خرجو بمختلف فئاتهم من الصغار للكبار و النساء والرجال في التظاهرات االملحمية من خلال أكثر من 150 ألف متظاهر سلمي. والحق يقال إنّ مشهد تلك التظاهرات ساعد في تزخيم الحراك المطلبي من جديد، ورفع الشارة الحمراء أمام أي تهور قد يقدم عليه النظام، وإنّنا نؤكد على التمسك بمرجعية سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، وبالتمسك بخط العلماء، وفق اطار المقاومة المدنية السلمية، مع دعوتنا الصادقة للمزيد من التراص والتلاحم ووحدة الصف بين المعارضة، وتأكيد مبدأ الوحدة الوطنية.

وإنّ سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم يشكل الضمانة الوطنية للعناوين الثلاثة في حراكنا المطلبي: وطنية الحل، سلمية الحراك، الإصلاح السياسي، وإنّ أي مساس بسماحته هو مساس بهذه الضمانات وتجاوز لما هو أكبر من الخطوط الحمراء ومن شأنه أن يجر البحرين لمنعطف لا عودة عنه وينتج طوفان من الغضب على النظام.

وعلى النظام أن يدرك بأنّ حساباته السياسية في التصعيد لا تخلق استقرارا، فالعلاج للواقع القائم ليس بالحديد والنار، والاستئثار بالقرار الأحادي، أو تكريس واقع الاضطهاد الطائفي والعنصري المتخلف البغيض.

كما أنّنا نعتبر أنّ المحاكمة السياسية لسماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم هي محاكمة لفريضة الخمس، ومحاكمة لكل الوجود الشيعي في البحرين، وتشكل اهانة للطائفة ومراجعها، فلا سند قانوني لها، و ليس هذا هو الاستهداف الوحيد للطائفة ولشعائرها ولدينها وفرائضها؛ فالقائمة في الاستهداف الطائفي الممنهج ليس له حصر؛ فالحريات الدينية تحولت لتهمة، والتمييز الطائفي بات ينخر في كل مناحي الحياة، وتحوّل إلى بصمة حكومية بارزة، وأصبح المواطن الشيعي يعامل في كل مؤسسات الدولة، وكأنّه مواطن من الدرجة العاشرة، وهذا يتطلب العمل الجاد على وقف مشروع الاضطهاد والتمييز الطائفي، والحرب الطائفة الرسمية ضد المواطنين الشيعة الذين لا جرم لهم في نظر النظام إلا مطالبتهم بالحقوق العادلة والمواطنة الكاملة لكل المواطنين من كل المذاهب والأديان، وهم أصحاب شعار لا سنية ولا شيعية بل وحدة وطنية.

وعلى هذا النظام أن يدرك بأنّ الاستهداف الديني لأتباع مذهب أهل البيت - يزيد من معدل الحنق والغضب على النظام - فلا يمكن لأي استهداف أن يزحزح الناس عن التمسك بما يؤمنون به، كما أنّ سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم هو الحامي لمفهوم "وطنية الحل" وإنّ استهدافه جر لأن تكون البحرين ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، وهذا مانخشاه ونحذّر منه ولا نبتغيه.

ولا يفوتني أن أوجه التحية لأهلنا وأحبتنا وشعبنا الصابرين في الدراز، المحاصرة لما يزيد على النصف عام، وهم يشكلون الحصن المنيع الحامي بعد الله سبحانه لضمانة الوطن سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، وما الشهيد الحي الفدائي مصطفى حمدان إلا أنموذج لفتية آمنوا بربهم وبقائدهم وبحراكهم ومطالبهم مهما كان حجم التضحيات، فالسلام عليكم بما صبرتم أيها الأعزاء الشرفاء فأنتم بثباتكم وفدائكم تقدمون أروع صور الوفاء.

وأمام هذا الواقع السياسي المتردي في البحرين، واغلاق النظام كل أبواب المبادرات السياسية للحل، وزجه بقيادات المعارضة في السجون، واجهازه على حرية العمل السياسي من خلال الملاحقات القضائية التي كان من أبرزها حل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية أمل وجمعية التوعية والمجلس الاسلامي العلمائي ومركز البحرين لحقوق الانسان  ، ومحاكمة سماحة الشيخ علي سلمان والعلماء والرموز وعدم توفر أي إرادة رسمية للمصالحة الوطنية، وما نقل عن البعض بعدم استعداده للحوار مع الطرف الآخر، وكأنّما المعارضة تقف على أبوابه مستجدية قبوله للحوار في ظل هذه الجرائم التي ترتكب من قبلهم، ما يؤكد بأنّ هذا النظام لا يفكّر سوى بالعقلية الأمنية، من هنا  فإن الحاجة تصبح  ملحة لعملية سياسية ديمقراطية شاملة تكون نتاج تفاوض سياسي جاد وبرعاية أممية تخضع للاستفتاء الشعبي، كما أنّ من الضروري لنجاح أي عملية سياسية ممكنة هو ابعاد الأطراف التأزيمية في النظام التي لا تؤمن بالشراكة السياسية.

كما أنّ أي برنامج سياسي أو تشريعي أو تنموي يستثنى منه أي طرف من المكونات الشعبية مآله الى الفشل قبل وبعد تنفيذه على أرض الواقع، فالمنظومة التشريعية في البحرين يجب أن تكون متوائمة مع المواثيق الدولية، ولا يصح ذلك المبدأ الذي يرى أنّ لهذا الوطن خصوصية تعطّل اطلاق العملية السياسية الشاملة والجذرية، فالشراكة السياسية التامة في أي عملية سياسية حق طبيعي لجميع المواطنين البحرينيين.

وعلى المجتمع الدولي أن يكون طرفا مناصرا للحقوق العادلة والمشروعة لشعب البحرين، ويتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية في ذلك.

في الختام، إنّنا نؤكد على خيارنا الاستراتيجي السلمي، وعلى نهج المقاومة المدنية السلمية، فهي الخيار الذي من شأنه أن يحمي مستقبل الحلول الوطنية من الانزلاقات المدمرة، كما أنّ البحرينيين خرجوا للشوارع وسجلوا أروع ملامح العمل السلمي في وجه آلة الارهاب والقتل التي لم تحرج النظام فحسب بل أحرجت حتى حلفائه.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus