السيد هادي الموسوي: المشير وراء منع مظاهرات العاصمة والحكومة أضعف من أن تشن حملة قمع أخرى ولأنهم حمقى قد يفعلونها

2012-05-04 - 5:37 م



مرآة البحرين (خاص): وهو يهم بالدخول إلى لقائنا، يحاول السيد هادي الموسوي أن ينهي مكالمة هاتفية من أم أحد المعتقلين، كانت تخبره عن طريقة اعتقال ابنها من منزلهم قبل أيام فقط، وأنه يتعرض للتعذيب في السجن، والتهديد بالقتل.

بين الحديث إلى عوائل المعتقلين وأهالي الضحايا ومتابعة قضايا الشهداء والمنتهكين، وبين المشاركة في تنظيم وتصدر المظاهرات السياسية، يقضي النائب المستقيل ورئيس لجنة الرصد بجمعية الوفاق السيد هادي الموسوي، يومه مشغولا على الدوام، من الصباح وحتى نهاية اليوم.

في السبت الماضي، اعتقل الموسوي لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات في 14 فبراير 2012، كان ذلك خلال مشاركته في مسيرة الجمعيات السياسية بالعاصمة والتي منعتها السلطة. بروح مرحة، يجيب السيد هادي الموسوي عن أسئلة مرآة البحرين حول الحراك الميداني للمعارضة وحملة القمع التي تلوح في الأفق.

مرآة البحرين: كيف كانت طريقة اعتقالك وماذا حدث؟

الموسوي: كنا متواجدين في المنامة بعد دخولنا من مداخل غير مغلقة، وصلت مأتم بن سلوم، ورأيت قوات الأمن تفرق حوالي 250 شخص، بالقنابل الصوتية فقط، إذ لم يستخدم مسيل الدموع نهائيا. اتجهت إلى الداخل نحو مأتم العجم، وقوات الأمن لم تكن تستطيع أن تسيطر على المشاة، وصلت عند باب البحرين كان هناك رائد ونقيب، يحاولان منعنا من التواجد هناك في منطقة السوق المسقفة.

قالا لي "تواجدكم غير قانوني، هناك أمر صدر بمنع المسيرة"، وكما كنت أقول في كل مرة كررت مجددا "نحن نختلف مع التقدير الذي توصلت إليه الجهة التي منعت، ونحتفظ بحقنا بالتواجد، نحن نعتقد عدم تعارض وجودنا مع القانون، ولا يوجد في القانون ما يمنع المسيرات في مثل هذه المنطقة"

قال لنا إنه سيمهلنا دقائق ثم سيفرقنا بالقوة، طلب مني تفريق المتظاهرين فقلت له ليس لي سلطة عليهم، لم آمرهم بالمجيء ولن آمرهم بالانصراف. بدأوا برمي القنابل الصوتية وسط النساء، وأصيبت امرأتان في رجليهما، وأحدهم استخدم الرش الحارق في وجه امرأة، قلت للضباط: هل هكذا تتعاملون معنا؟ هل هذه حضارية؟ كان رده الوحيد "قدم شكوى"!

بدأوا يلاحقون مجموعة من المتظاهرين وأنا بقيت في مكاني، صاروا يدفعوننا حتى نغير مكاننا، وصلنا إلى نقطة في شارع البحرين ووقفنا هناك نصف ساعة، وكنا 3 أشخاص فقط، وكذلك طلبوا منا التفرق، قلت لهم وجودي هنا قانوني. وصل سيد يوسف معي، وقبضوا علينا على أساس أننا المحرضون.

اقتدنا إلى مركز شرطة باب البحرين، أخذوا كل أغراضنا، وقالوا لنا أنتم موقوفون، ثم نقلنا إلى مركز شرطة الحورة. قبل التحرك كان النقيب يقول للشرطي الذي يصور: لا تغلق الكاميرا حتى تصل الحورة، تدخل ضابط آخر من القوات الخاصة، وقال للشرطي "لا تشغل الكاميرا، أغلقها واتركها، وأغلق المكيف الذي في الخلف أيضا، هؤلاء أشخاص غير مهمين ولا يعنوننا في شيء" هو ذات الشخص الذي كان يدفعني متعمدا ونحن نتحرك إلى مركز الشرطة.

في مركز الحورة، جاءنا ضابط بلباس مدني، طلب إضافتي، ثم أحضر لي تربة وسجادة للصلاة. في محضر التحقيق، قالوا لي أنت متهم بالتجمهر والتحريض على كراهية النظام، قلت لهم ما المطلوب؟ فقالوا قدم إفادتك، قدمت إفادتي ثم أفرج عني فورا.

مرآة البحرين: مسيرة السبت، هي إحدى مسيرات كثيرة تمنع في العاصمة، لماذا تمنع المسيرات في العاصمة؟


الموسوي: منع المسيرات لأنها في العاصمة سابقة لا يجب أن نستسلم لها، نحن نلتزم بتقديم الإخطارات لأننا نعتقد أن للآخرين حق أن يعرفوا وترتب لهم الأمور. لكن السلطة لا تتعاطى بإيجابية مع التزامنا، هم في موقع المسئولية، وهم يمنعونا من حقنا أن نتواجد في العاصمة، هي بذلك ترفض طلب عشرات الألوف، الذين يتظاهرون في كل مرة.

أعتقد أن أوامر المنع لمسيرات العاصمة تصدر من القائد العام للجيش. المشير يحاول الحفاظ على ما كان يظنه إنجازا وهومنع المتظاهرين من العاصمة وإخلائها من الاحتجاجات، والسماح بهذه المسيرات سيعده إخفاقا أو تراجعا عن الحد القمعي الذي وصل إليه منذ فض اعتصام اللؤلؤة.

ما يدلل على صحة كلامي أن العاصمة ينظم فيها اعتصام وتجمع في وضح النهار، وفي مكان يمنع القانون التجمع السياسي فيه، وبترتيب ودعم من قوى الأمن، وبتغطية من وسائل الإعلام الرسمية، وهو التجمع في جامع الفاتح. ذاك مشهد وهذا مشهد، ذاك ممنوع وهذا مسموح ومدعوم ومؤيد ومسدد ومرفوع. هذا يكشف أن هناك تناقض في الموقف لا يمكن تفسيره.

كنت أقول للضابط لو سمحتم لنا أن نسير لكنا قد انتهينا الآن ولم يحدث أي شيء ولم نصل حتى باب البحرين. هذا يتسبب في كلفة أمنية مرتفعة، ولكن السلطة تظن أنها ستستطيع استثمار هذه الكلفة إعلاميا وتوجيهها بحيث تبرز المعارضة كأنها مخربة ومثيرة للا استقرار، في حين أنها تثبت فشلها في كل مرة.

مرآة البحرين: وما هي خطة الجمعيات في ظل هذا المنع المتكرر؟

الموسوي: التحركات الميدانية هي رأس استراتيجيات الحركة الشعبية. بغير الحركة الميدانية، لن يكون هناك وجود إلى مفهوم الثورة أو الحراك الشعبي أو النضال.

تعدد مواقع الاحتجاج في البحرين يدلل على أن الرقعة الجغرافية للاضطرابات والاحتجاجات واللا استقرار زادت عن أيام الدوار، ثم أن حالة الإرهاق التي تصيب الأمن أضخم بكثير.

تحدينا للسلطة يمثل نقطة حرجة لها، فهي لا تجد أي مبرر لمنعنا. إصرار المعارضة على التواجد في المنامة جاء بعد أن أثبتت للسلطة أنها على مدى 8 شهور نظمت مسيرات واحتجاجات سلمية ومسئولة وملتزمة باعتراف الجهات الأمنية.


مرآة البحرين: ما هو تأثير وصول المظاهرات إلى العاصمة؟


الموسوي:لا زلنا نعمل أن نصل العاصمة لنبني هذه النتيجة: أن يقف معنا الرأي العام العالمي. هذه النقطة الحرجة قد تدعو السلطة إلى مزيد من العنف، ولكن حتى لو قمعنا، يجب أن نستمر، حتى لو زاد القمع يجب أن نسير. لم يبق لدينا شيء ولن يكون هناك حل. هو تحدي ونحن نقبل التحدي.

عبد الهادي الخواجة ذهب لمساحة أكبر من استيعاب السلطة. هو أضرب عن الطعام والسلطة كانت تظن أنه سيفك الإضراب بعد أيام. لكنه استمر 80 يوما. هو شخص واحد، أراد إيصال رسالة دولية، وكانت رسالته محل تجاوب وقبول دولي، خصوصا أنه يرتكز في إضرابه على مطلب الحرية (إطلاق سراحه)، وهو يطالب بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق. السلطة ترفض إطلاق سراحه حفاظا على ماء وجهها، هو سبق السلطة وجعلها في نقطة حرجة ولم تستطع اللحاق به.

المسيرات التي تخرج الآن خارج العاصمة تمثل لوحدها ضغطا لا يحتمل على السلطة، فهي في الدرجة الأولى تؤكد للرأي العام المحلي والإقليمي والدولية أن جذوة الثورة لا زالت وقادة.

مظاهرات العاصمة لها وقع آخر، أنت تعبر عن رأيك أمام صناع القرار. الاحتجاجات التي يمكن أن تكون بقرب الجهات السياسية المسئولة عن الانتهاكات أو التسلط، مثل دار الحكومة، غير الاحتجاجات التي تمر على شارع فيه نخيل وأشجار.

التظاهر في العاصمة يعني أن تصل إلى مركز عذب فيه المعتقلون ما له رمزية مهمة، أن تتواجد قرب مبان لها رمزية سياسية هي في نظر المتظاهر والسلطة نقطة حرجة. ما أثبتته التجربة السابقة أن المسيرات التي وصلت للداخلية والقلعة ومجلس الوزراء وهيئة الإعلام تعد إدانة للسلطة لأنها دليل سلمية.

وجودنا في العاصمة، سيكون له نتيجتان: الأولى هي أننا لا نعطي مجالا للسابقة التي تريد أن تفرضها السلطة بأن العاصمة ليست مكانا للتظاهر، والنتيجة الثانية هي أن ما تقبله السلطة أن يتكرر خارج العاصمة ربما يعطيها مساحة زمنية أكبر لأن تماطل في التجاوب مع المطالب، بينما لو تحولت الاحتجاجات إلى العاصمة ستكون درجة الضغط على السلطة أكبر، وقد تسارع إلى التجاوب!

مرآة البحرين: ماذا عن العودة للدوار؟

  &&qut1&&
الموسوي: بحسب وجهة نظر معينة المطلوب هو العودة للدوار، ذلك ليس أمرا مستحيل هو أمر ممكن، ولكن مع الأخذ في الحسبان المعطيات الزمانية والمكانية. الدوار كان تجربة قاسية على النظام، وهو الآن يقاتل لمنع تكرارها.

الآن المنطقة محاطة بسياج شائك عن بعد مئات من المترات، العدة والاستعداد العسكري الداخلي يختلف عن السابق، لا يمكن إعادة ذات التجربة في ظروف ومعطيات موضوعية وميدانية مختلفة. ولكن قد يأتي أحد ويلبس "باراشوت" على سبيل المثال فيستطيع الوصول إلى الدوار!

مرآة البحرين: الاحتجاجات في العاصمة تاريخية، هل عشت جانبا منها؟

الموسوي: أنا عشت الاحتجاجات منذ السبعينات في العاصمة. في 1975 رأيت المظاهرات لأول مرة، كان عمري حينها 9 سنوات. أخذت من المدرسة وشاركت في مسيرة إلى وزارة التربية والتعليم، وكانت الهيليكوتبر فوقنا، كانت مسيرات طلابية عمالية ترفع شعار: يا مسئول يا مسئول اسمع الطالب شيقول.

ثم في الثمانينات، وجدت كل المظاهرات في المنامة بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر وجميل العلي، الناس كانت تحضر من القرى ومن كل مكان، والمسيرات كانت تمنع وصول المتظاهرين للقلعة، وتوجهها لطرق أخرى. ولم أشارك في مسيرة واحدة كانت تنوي الدخول للقلعة، الذهاب لهناك كان فقط لبعث رسالة احتجاج.

مرآة البحرين: كيف ترى مشاركة المرأة؟


الموسوي:. كانت مشاركة المرأة سابقا ضئيلة جدا. الانفتاح على الإعلام الجديد هو ما أخرجها بكثافة اليوم، المرأة البحرينية التي ترى المصرية والتونسية تتظاهر تريد أن تتواجد هي الأخرى لأنها مظلومة مثل الرجل. المرأة متقدمة في وعيها. ما زاد ذلك هو استهداف المرأة طبيبة أو معلمة أو ناشطة. هذا كله دفع لزيادة كم المشاركين من العنصر النسائي اليوم.

مرآة البحرين: ما الهدف من مسيرة الفئات المهنية؟

الموسوي: أشيع مفهوم خاطئ من قبل السلطات عبر استهداف المسيرات التي خرج فيه المتخصصون، في أيام الدوار. وكأنهم يجب أن يعاقبوا على خروجهم بشكل مهني: أتظاهر لأنني مصور، إذن يحق لك أن تعتقلني. نحن نخرج لنؤكد على خطأ هذا المفهوم ووجوب تصحيحه.

مرآة البحرين: بصفتكم رئيسا للجنة الرصد، هل ترون ملامح حملة قمع قادمة؟

الموسوي: حملة القمع التي حصلت في فترة السلامة الوطنية أدخلت السلطة في نفق مظلم، ومؤلم. وجعلتها تضطر لأن تأتي بلجنة تقصي حقائق وهي سابقة كما عبر بسيوني نفسه. ولا زالت السلطة إلى الآن لم تعالج تداعيات تلك المرحلة. قد تعود نعم، بذات المستوى، أقل سوءا أو أكثر. الأمر وارد.

لكن، الالتزامات المترتبة على السلطة أمام المجتمع الدولي من ناحية، وأمام توافقات أجنحة الحكم فيما بينهم من ناحية أخرى، تقلص عليهم المساحة التي تعطيهم أمدا لأن يقوموا بحملة قمعية.

لا يسعهم الأمر، هم يريدون، يريدون أن يعاقبوا يؤدبوا ينتقموا يلقنوا درسا آخر، لكن الوقت لا يسعهم، الظروف لا تسعهم، الظروف الاقتصادية، المراقبة الدولية، الغضب الشعبي، الملاحقة الدولية للحصول على نتائج فورية وسريعة من توصيات بسيوني، كل ذلك لا يجعلهم يستطيعون أن يرجعوا لنقطة البداية ثم يعيدوا كل شيء من جديد.

هذا ما يمكن أن يمنعهم، ولكنهم لا يعدمون أساليب الالتواء السياسية، ولأنهم حمقى فقد يفعلونها.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus