’مرآة البحرين’ تحاور رئيس رابطة الصحفيين عادل مرزوق: نمثل شريحة أرادت السلطة سحقها.. وتقاريرنا أصبحت ’ثقة’ المنظمات الدولية

2012-05-12 - 6:43 ص


مرآة البحرين (خاص): اعتبر رئيس رابطة الصحافة البحرينية عادل مرزوق أن البحرين تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها الصحافي، واصفاً ما حدث ولا يزال يحدث للصحافيين والإعلاميين بـ "الكارثة"، والذين عدهم "شريحة مجتمعية أرادت الدولة أن تسحقها". وأكد مرزوق في حوار مع "مرآة البحرين" نجاح الرابطة في إحراج السلطة دولياً، وبالنسبة لجمعية الصحفيين البحرينية، أشار إلى أنها قطعت آخر خيوط الثقة بها في الجسد الإعلامي. وكشف مرزوق أن الرابطة بصدد اتخاذ الخطوات الأخيرة لتسجيلها رسمياً لدى السلطات الرسمية في المملكة المتحدة كمؤسسة غير ربحية. وفيما يلي نص الحوار:

مرآة البحرين: بداية، ما هي الآلية التي تتبعها الرابطة من أجل التواصل مع الصحافيين البحرينيين في الداخل والخارج؟

 تأسيس الرابطة في الأساس كان نتيجة توافق بين الصحافيين في الخارج، أولئك الذين استطاعوا الخروج قبل اعتقالهم والتنكيل بهم من جانب السلطات الأمنية في البحرين.

كان لابد لنا كصحافيين وإعلاميين من التقارب والتنسيق المشترك، وعليه تأسست رابطة الصحافة البحرينية في 9 يوليو في العاصمة البريطانية لندن لتضم الصحافيين البحرينيين في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا واستراليا والمانيا وبعض الدول العربية، وارتأينا أن لا تقتصر الرابطة على الصحافيين بل أن تشمل المصورين والمدونين الذين كانوا يعانون لذات السبب، وهو التعبير عن آرائهم بحرية.

عقدنا اجتماعات مطولة مع الاتحاد الدولي للصحافيين والمنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير وقدمت لنا استشارات ومساعدات مهمة عدة، ونخص نقابة الصحافيين البريطانية NUJ التي احتضنت أول اجتماعاتنا مع الاتحاد الدولي.

أما بالنسبة لداخل البحرين، تعتمد الرابطة على آليات عدة للتواصل، لدينا اليوم اكثر من 80 عضوا مسجلا، ولدينا خط تواصل مستمر عبر أعضاء الرابطة، ولا نستطيع الكشف عن هوياتهم حفاظاً على سلامتهم الشخصية.

المرآة: كيف تقيم الرابطة الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون البحرينيون حتى اليوم؟


عملنا بجد لتوثيق الإنتهاكات والجرائم التي خلفها الحل الأمني في البحرين، وشهادتنا فيها تبعث على الحزن والأسى. تعيش البحرين بكل تأكيد أسوأ مرحلة في تاريخها الصحافي. وهي بحسب مراسلون بلا حدود فهي ضمن الدول العشر الأكثر قمعاً للحريات حول العالم. ما فعلته السلطة ممثلة في أجهزتها الأمنية بالإعلاميين من صحافيين ومصورين ومدونين منذ إعلان حالة السلامة الوطنية كان كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة.

لقد تضمنت تقارير التوثيق لحالات الاعتقال والتعذيب والإقالات مشاهد وحقائق لم يشهدها تاريخ البحرين كله. تعليق المشانق الوهمية للصحافيين المعتقلين وسكب المواد القابلة للاشتعال على أجساد المعتقلين وملاحقتهم بالنار، كلها جرائم وانتهاكات لم تحدث للصحافيين في البحرين لا قبل الاستقلال، ولا بعده.

كان استهداف الصحافيين بعد 15 مارس 2011 منظماً، هناك تقرير رسمي خرج من جهة رسمية بأسماء الصحافيين الى جهاز الأمن الوطني وإدارات الصحف، بدأت الصحف في الإقالات وبدأ جهاز الأمن الوطني في الاعتقالات وجلسات التعذيب، وبالمناسبة، كل ما نشرناه من تفاصيل هو أقل بكثير مما حصل بالفعل، فبعض الزملاء لم يكشفوا الكثير من الجرائم والانتهاكات التي تعرضو لها، خصوصاً الزميلات اللاتي تم التحقيق معهن واحتجازهن.
 
المرآة: هل كانت لكم طرق للتدخل أو التواصل مع المعنيين من أجل تحريك ملف الانتهاكات أو الحد منه، سواء كانت في الداخل أو الخارج، وما أبرزها؟

بالطبع، عقدنا العديد من الاجتماعات مع الاتحاد الدولي للصحافيين والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن الصحافيين وحقوق الإنسان في لندن وواشنطن، وقدمنا لهذه المنظمات قوائم الصحافيين والإعلاميين وسجلات الانتهاكات، وقدم الاتحاد الدولي للصحافيين وهذه المنظمات مساعدات للحالات الإنسانية الطارئة داخل البحرين، وخارجها. لقد عملنا على فتح قنوات مع المنظمات الدولية الحقوقية في هذا الصدد، وتركنا لهذه المنظمات اتخاذ القرارات ونمط المساعدات التي تراها بحسب أنظمتها الداخلية.

كما مارسنا ضغوطاً شديدة على النقابات العمالية العربية والدولية لمخاطبة السلطات السياسية في البلاد والضغط عليها، ونجحنا في نقل قضيتنا والدفاع عن المعتقلين من الصحافيين والمدونين والمصورين، واليوم نحن ننسق مع جميع النقابات ولدينا العديد من التفاهمات. وتعتبرنا المنظمات الدولية المصدر الأكثر ثقة لنقل ما يحدث في البحرين. لقد حرصنا منذ البداية على العمل بمهنية في كل تقاريرنا وانشطتنا.


المرآة: كيف تقيمون أوضاع الصحافيين في الخارج، وهل من مساع حقيقية او جادة لعودتهم كما يشاع بين فينة واخرى؟


لا يمكن الحديث عن عودة الصحافيين في الخارج ما دام الصحافيون في الداخل تحت المقصلة، جاءنا بعض الوسطاء ولا أدري إن كانوا وفوداً رسمية بإيعاز من الدولة، أم لا. نحن واضحون تماماً، ما حدث ولا يزال يحدث للصحافيين والإعلاميين هو كارثة، ولسنا قضية أفراد ليتم إقناعنا بالعودة، نحن نمثل قضية شريحة مجتمعية أرادت الدولة أن تسحقها. نحن مؤمنون بأن الحريات الإعلامية والصحافية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الأزمة السياسية في البلاد. وحرية التعبير التي تمت استباحتها هي قضية شعب بأكمله، وليست قضية رابطة الصحافة البحرينية أو من ينتمون لها.


المرآة: إلى أي درجة يمكن القول إن الرابطة قد حلت محل جمعية الصحافيين، التي اعتبرها الصحافيون قد تخلت عنهم خلال الأزمة؟

حاولنا بقدر استطاعتنا كرابطة أن نقوم بواجب الدفاع عن الصحافيين والإعلاميين في البحرين، حين أسسنا الرابطة كان الكثير من الصحافيين معتقلين وكانوا يتعرضون للتعذيب ولمحاكمات جائرة في محاكم عسكرية، وكان - ولا يزال - الدفاع عن زملائنا هو الهم الأول، ونجحنا في إحراج السلطة دولياً وهو ما أتى بإنعكاسات مهمة في الداخل، ونخص مركز البحرين لحقوق الإنسان بالشكر لأنه بالفعل عمل بمفرده ومعنا على الكثير من الملفات.

بالنسبة لجمعية الصحافيين البحرينية، أقول للأسف، لقد قطعت آخر خيوط الثقة بها في الجسد الإعلامي داخل البحرين وخارجها، بل لعب بعض أعضاء مجلس إدارتها دوراً كارثياً حين شاركوا في محاكم تلفزيون البحرين ليتسببوا لاحقاً في أزمة صحيفة الوسط والوشاية بزملائهم الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم والتنكيل بهم في السجون وتقديمهم لمحاكم عسكرية.

في الحقيقة، لا أجد وصفاً يليق بمن شارك في التحريض على زملائه أو تبرير جرائم السلطة وانتهاكاتها خصوصاً فيما يتعلق بجرائم التعذيب. ذات مرة كنت أشاهد أحد برامج تلفزيون البحرين التي استهدفت الصحافيين وأنا أبكي، سألتني زوجتي ما إذا كنت خائفاً؟ قلت لها: لا، أنا أبكي لأن من يهاجمنا هو زميل يعرفنا تمام المعرفة، وهو يعلم جيداً أن كل ما يقوله كذب، لم يكن متوقعاً ابداً أن يشارك زملاء لنا في حفلة مجنونة من الكذب والتشهير والتحريض على الاعتقال والتعذيب، وأسأل هؤلاء بصدق: هل كان مسلياً لكم ما حدث لنزيهة سعيد او فيصل هيات أو علي جواد أو حيدر محمد أو ريم خليفة أو عباس بوصفوان أو لميس ضيف أو أي زميل من زملائكم؟

لا أريد تسويق الرابطة باعتبارها الكيان الشرعي للصحافيين في البحرين، الكيان الشرعي هو ذلك الكيان الذي سنشارك فيه جميعاً لنضع قانونه الأساسي، ونختار إدارته في انتخابات عادلة وشفافة لجميع الصحافيين، أقول جميع الصحافيين ولا أستثني أحداً.


المرآة: وهل توجد حلقات وصل بين الكيانين، خاصة في ظل ما تردد عن رغبة الجمعية في "لم الشمل" وإعادة صحافيي الخارج، وما مدى صحة ذلك أساساً؟

لا يوجد أي اتصال حالياً، هم حاولوا إدخال الاتحاد الدولي للصحافيين في الموضوع عبر ما أطلقوا عليه بالمبادرة. والاتحاد لم يبدِ اهتماماً بالموضوع لأنه لا يريد أن يتورط بضمان سلامة الصحافيين وإعادتهم، وموقف رئيس الاتحاد الدولي (جيم بوملحة) واضح للجميع.

ولابد ان أشير هنا إلى نقطة هامة، هل علينا أن نفهم من طرح الجمعية للمبادرة أنها كانت المسؤولة عن إقالة واعتقال وتعذيب أكثرمن 145 إعلامياً وصحافياً، وهي بالتالي تطرح مبادرة الصلح؟

نحن مؤمنون بأن الجمعية لعبت دوراً لم يكن لها أن تلعبه في الأزمة، وأن بعض أعضاء مجلس إدارتها شاركوا في الانتهاكات والجرائم عبر التحريض والمشاركة في المحاكم التلفزيونية. لكننا نؤمن أن من أدار كل هذا هي الدولة ممثلة بسلطاتها السياسية والأمنية.

نحن اليوم كرابطة وكصحافيين جزء من الأزمة السياسية في البلاد، متعلقون بكل التفاصيل خصوصاً توصيات لجنة بسيوني، وهي التوصيات التي لم تنفذ منها الدولة أي توصية. تريد هيئة شؤون الإعلام أن تقول إنها نفذت التوصيات عبر توقيع عقود تدريب مع بعض القنوات والإذاعات، وهذا استهزاء مرفوض.

 الانتهاكات لم تكن بسبب ضعف مهني، بل بسبب سياسة تم فرضها على المعدين والمذيعين وكافة العاملين في التلفزيون الحكومي والصحف القريبة من السلطة. من أمر بإنتاج تلك البرامج، وأدارها، وقام بتوجيهها هو المسؤول وهو من يحتاج لدورة تدريبية في الإنسانية قبل المهنية.

فلنعد لأرشيف الإعلام الرسمي حين كانت الشيخة مي وزيرة للإعلام، لقد وقعت عشرات العقود التدريبية للموظفين والعاملين مع كبريات القنوات الفضائية، ما الذي تغير؟!. لا شيء.


المرآة: ماذا عن النقابة، وكيف ترون تعدد الكيانات في ظل عدم فاعليتها، وإلام يؤشر ذلك؟

شخصياً أنا مع حرية تعدد النقابات في الإطار الدولي الذي أتاح حرية تعدد النقابات في المجتمعات المدنية، ولكن في البحرين لا أجد ذلك مجدياً، خوفا من الوقوع في المستنقع الطائفي. وبالنسبة للصحافيين، لا يمكنني أن أقبل أو أن أشارك في نقابات على تفصيل الطوائف. أنا لا أعترف بصحافي شيعي أو سني، ولا أقبل الانضمام لنقابة شيعية أو سنية. أنا اعترف بالصحافي البحريني، والنقابة البحرينية.

المرآة: هل تم إشهار الرابطة رسميا، ما المستجدات بخصوص ذلك؟


واجهتنا في البدء بعض الصعوبات في تسجيل الرابطة، ولكننا انتهينا منها فعلياً. ونحن الآن في الخطوات الأخيرة لتسجيلها رسمياً لدى السلطات الرسمية في المملكة المتحدة كمؤسسة غير ربحية.


المرآة: بعد التقرير النوعي "الكلمة تساوي الموت"، ما أبرز خطواتكم أو مشاريعكم القادمة في توثيق انتهاكات الصحافيين البحرينيين؟

التقرير قدمناه للمنظمات الدولية وعزز من ثقتها بنا. المفوضية السامية لحقوق الإنسان والاتحاد الدولي للصحافيين ومنظمة مراسلون بلا حدود ولجنة حماية الصحافيين (الولايات المتحدة) والعديد من الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان أصبحت تعترف بنا باعتبارنا المصدر الرئيس لتوثيق حالة الإعلام والصحافة في البحرين.

تلقينا إشادات كبرى بالتقرير من كل هذه المنظمات، ونحن الآن ننظم الإضراب العام عن الطعام لجميع الصحافيين والإعلاميين في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف 3 مايو 2012. وهي رسالة احتجاج دولية لكل من تعنيه حرية التعبير وفق ما توافقت عليه الإنسانية. إضافة إلى إصدارنا لتقرير (الجوع من أجل الحرية). وهو تقرير أولي سيتبعه التقرير السنوي الذي سيكون برعاية إحدى المنظمات الدولية المرموقة في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.

كما سنبدأ في تفعيل أنشطة "مركز كريم فخراوي للدراسات الإعلامية" و"مركز زكريا العشيري للإعلام الجديد"، تكريماً لذكراهم، وتخليداً لتضحياتهم الوطنية النبيلة.


المرآة: من وجهة نظركم، ومتابعتكم، الإعلام البحريني عموماً... إلى أين؟

بحجم الانتهاكات والجرائم التي تعرض لها الجسد الإعلامي في البحرين نحن في أزمة، وهي بالتالي أزمة عميقة ومتشعبة. لكن في السياق ذاته، الصحافيون البحرينيون أثبتوا أنهم رقم صعب على السلطة التي حاولت اختطاف الصحافة والإعلام وتجييرهما لصالحها.

نحن كصحافيين لسنا معارضة أو موالاة، نحن مواطنون أعطانا المجتمع امتيازات خاصة وحصانة رمزية لنتأكد من أن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تعمل لصالحه كما يتطلع ويأمل. هذا الدور الرقابي الهام هو اليوم دور معطل داخل البحرين، وهذا مؤشر خطير ولا يمكن أن يستمر.

أعتقد أن ما شهدته البحرين يقتضي قبول مؤسسة الحكم بأن استحقاقاً تاريخياً لابد من أن يتحقق على الأرض، وضمان حرية التعبير والحريات الصحافية والإعلامية هو جزء لا يتجزأ من الحل السياسي.

لا يبدو أن السلطة تسير في هذا الاتجاه، فالحل الأمني لا يزال قائماً، وتقرير بسيوني لم يحدث تغييراً حقيقياً في سياسات الدولة للأسف، وبالتالي فإن الطرف المتشدد في مؤسسة الحكم لا يزال سيد القرار.

الذي يجب أن ندركه كصحافيين وإعلاميين أننا نحمل أمانتين اثنتين، أمانة الوفاء لمهنتنا ورسالتنا المجتمعية ومبادئنا الوطنية أولاً، وأمانة نقل الحقيقة وطموحات هذا الشعب في حريته وكرامته ثانياً. وهذه أسمى رسالة نحملها، وأسمى ما يستحق أن نعمل فيه، ولأجله.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus