مذكرات 2017: رضا الغسرة ورفاقه من غرف "جو" المظلمة إلى "شهيداً في البحر"

2017-12-30 - 6:50 م

مرآة البحرين: مع مطلع العام 2017 أعلنت وزارة الداخلية عن فرار 10 أشخاص من السجن، لم تتأخر المفاجأة فقد هرب السجين رضا الغسرة مع تسعة آخرين، لتتم إحالة مدير السجن واثنين من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية إلى التحقيق.

فقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها في الأول من يناير 2017، إن مجموعة مكونة من 4 إلى 5 عناصر، نفذت هجوماً مسلحاً باستخدام بنادق أوتوماتيكية ومسدسات على مركز الاصلاح والتأهيل في (جو)  في نحو الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم الأحد (1 يناير/ كانون الثاني 2017)، أسفر عن مقتل الشرطي عبدالسلام سيف أحمد وإصابة آخر بإصابة متوسطة وذلك أثناء  التصدي، كما أسفر الحادث عن هروب عدد 10  من المحكومين في قضايا «إرهابية»، وهم:

  1.  أحمد محمد صالح محمد الشيخ "26 عاماً" محكوم 73 سنة.

  2. عمار عبدالله عيسى عبدالحسين "28 عاماً" محكوم بالمؤبد إضافة إلى سنتين.

  3. محمد إبراهيم ملا رضي آل طوق "26 عاماً" محكوم 28 سنة.

  4. حسن عبدالله عيسى عبدالحسين "24 عاماً" محكوم بالمؤبد.

  5. عيسى موسى عبدالله حسن "24 عاماً" محكوم بالمؤبد.

  6. حسين عطية محمد صالح "37 عاماً" محكوم بالمؤبد.

  7. صادق جعفر سلمان حسين "27 عاماً" محكوم بالمؤبد إضافة إلى 41 سنة.

  8. عبدالحسين جمعة حسن أحمد العنيسي "31 عاماً" محكوم بالمؤبد.

  9. رضا عبدالله عيسى الغسرة "29 عاماً" محكوم بالمؤبد إضافة إلى 79 سنة.

  10. حسين جاسم عيسى جاسم البناء "27 عاماً" محكوم 43 سنة.

نشرت القوات الأمنية نقاط التفتيش في كل أرجاء البحرين بشكل غير مسبوق، بحثا عن الغسره ورفاقه، ما أدى لإرباك حركة السير في الشوارع العامة لأكثر من أسبوع، وداهمت القوات العديد من المناطق إلا أنها فشلت في العثور على الهاربين.

وأقدمت السلطات في الخامس عشر من يناير على تنفيذ جريمة إعدام ثلاثة معتقلين محكومين بالإعدام، لترسل رسالة أنها تنوي استخدام أسوأ الأساليب وأكثرها وحشية في مواجهة الجميع، والمعتقلون الذين تم إعدامهم هم: عباس السميع، سامي مشيمع، علي السنكيس، وشددت من قبضتها الأمنية بحثا عن المعتقلين العشرة في كل مكان.

كما اعتقلت السلطات عدداً من أهالي وأصدقاء المعتقلين الهاربين، إذ بلغ عدد المعتقلين من الأهالي 6 معتقلين، لم تفرج عنهم السلطات إلا خلال شهر مارس 2017.

وبعد شهر وعشرة أيام على الهروب، وعلى ستة أيام من حلول الذكرى السادسة لانطلاق ثورة 14 فبراير، استشهد فجر الخميس (9 فبراير/ شباط 2017) الشاب رضا الغسرة (29 عاما) واثنين آخرين محمود يحي (22 عاما) ومصطفى يوسف (35 عاما) بعدما فتحت قوات الأمن النار عليهم أثناء محاولتهم الفرار خارج البلاد بعد ملاحقة قاربهم الصغير في عرض البحر، ما أدى إلى استشهادهم واعتقال 7 آخرين كانوا على متن القارب، بينهم مصابان اثنان، بحسب رواية وزارة الداخلية.

فقد أعلن طارق الحسن رئيس الأمن العام في مؤتمر صحافي عن عمليات أمنية نفذتها الداخلية في البحر وأخرى في البر الخميس لملاحقة مطلوبين.

وقال الحسن "تمكنت القوة المشتركة عند الساعة 5:28 من صباح اليوم 9 فبراير 2017  من رصد القارب في المنطقة الواقعة جنوب ميناء خليفة، ورغم إنذاره ومحاولة استيقافه، امتنع عن الوقوف وقام بتغيير خط سيره للشمال، الأمر الذي استدعى مطاردته وتوجيه الدوريات الاعتراضية لتطويقه والسيطرة عليه، وفي تلك الأثناء بادر الهدف "القارب" وتحديدا في المنطقة الواقعة شمال شرق قطعة جرادة بإطلاق النار بكثافة على الدوريات،  حيث تم الرد المباشر على مصدر النيران وتمت السيطرة على القارب".

وأكدت الداخلية  استشهاد رضا الغسرة (29 عاما)، محمود يحي (22 عاما) ومصطفى يوسف (35عاما).

واعتقلت الداخلية، بحسب البيان، محمد جاسم محمد جاسم العابد (28 عاما/ مصاب)، حامد جاسم محمد جاسم العابد (28 عاما /مصاب)، حسن علي محمد فردان شكر (22 عاما)، هاني يونس يوسف علي (21 عاما)، أحمد علي أحمد يوسف (20عاما)، علي حسن علي صالح (38 عاما)  وأحمد عيسى أحمد عيسى الملالي(23عاما) الذي كان مصاباً بطلق ناري وكسور متفرقة لكن الداخلية لم تعلن عن ذلك خلال المؤتمر الصحافي.

وعن العملية الثانية قالت الداخلية إنها ألقت القبض على علي محمد علي محمد حكيم العرب (23 عاما) الذي تتهمه بالاشتراك في مقتل الضابط هشام حسن محمد الحمادي، في منطقة البلاد القديم وإطلاق النار على موقع لدورية أمنية بالقرب من قرية بني جمرة أدى إلى إحداث إصابات بليغة في أحد رجال الأمن، واعتقلت أحمد محمد صالح الشيخ (26 عاما) وهو من بين أحد الذين تمكنوا من الفرار من سجن جو.

وقالت الداخلية إنها مستمرة في البحث عن  8 آخرين كانوا قد تمكنوا مطلع العام من الفرار من سجن جو المركزي.

استشهاد الغسرة ورفيقيه أشعل الساحة البحرينية إذ خرجت تظاهرات عارمة، تخللتها صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي أظهرت مستوى عالٍ من الوحشية.

قسوة الرد الحكومي لم تقتصر على التظاهرات وحدها، بل امتدت إلى حملة اعتقالات واسعة اعتقلت السلطات خلالها عددًا من الأفراد ولم تتورع عن اعتقال النساء، وكان من بين المعتقلين الشيخ محمد صالح القشعمي، وابنه، وابنته، وكذلك محمد حكيم العرب الذي أعلنت السلطات عن كونه  مطلوبًا أمنيًا، ونشرت صوره في وسائل الإعلام خلال شهر يناير/كانون الثاني 2017، بالاضافة إلى ثلاث نساء أخريات، وقامت الداخلية بنشر صُورهنّ والتشهير بهنّ، واتهمتهن  بالانتماء إلى الخلايا التي تعلن عنها الداخلية بشكل متكرر.

ومع اشتعال الساحة البحرينية، قالت منظمة العفو الدولية إن البحرين وصلت إلى نقطة اللاعودة. صدى الحدث لم يكن عاديًا إذ خرجت تظاهرات واسعة رفعت صورا للشهداء ورددت شعارات مناوئة للملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي تحمّله المعارضة مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والانتهاكات الحقوقية في البلاد.

وقامت السلطات البحرينية يوم الأحد (12 فبراير/ شباط 2017) بدفن جثامين الشهداء رضا الغسرة، محمود يحيى، ومصطفى يوسف في مقبرة الشيخ ميثم البحراني بأم الحصم، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وتلقت عوائل الشهداء اتصالاً عند الصباح يطلب منهم الحضور لمركز شرطة الحورة، وقامت السلطات الأمنية باحتجاز اثنين عن كل عائلة ونقلهم إلى المقبرة لحضور مراسم الدفن، التي اقتصرت على عدد محدود جدا.

وفي بيان قال علماء البحرين إن مراسم الدفن لم تتم وفق التعاليم الدينية من إقامة الصلاة والتشييع، مشيرا إلى أن ممثلي العوائل أجبروا على حفر قبور الشهداء الثلاثة في مخالفة للأحكام الدينية.

وفرضت قوات النظام طوقا أمنيا حول المقبرة، فيما انتشرت أعداد أخرى داخلها ومنعت ممثلي العوائل من التصوير.

وتجمّعت عوائل الشهداء في إحدى الشوارع المحيطة بالمقبرة للمطالبة بالمشاركة في التشييع، إلا أن قوات النظام هددتهم باستخدام القوة بحقهم في حال لم ينصرفوا.

لم يحظ المواطنون بفرصة لتشييع الشهداء، لكنهم عوضوا ذلك بتكثيف الحضور من مختلف مناطق البحرين للعزاء، إذ قدم المواطنون التعازي لعائلات  الشهداء الذين تمت تسميتهم ب «شهداء الحرية» في جامع الإمام زين العابدين في منطقة بني جمرة.

وأظهرت شهادات الوفاة الرسمية التي صدرت عن الطبيب الشرعي في وزارة الصحة، إلى أنهم استشهدوا بسبب «طلقات نارية» فيما كانت أماكن الطلقات مختلفة من شهيد إلى آخر.

ووفق شهادة الوفاة فإن الشهداء الثلاثة، استشهدوا «داخل المياه الإقليمية شرق البحرين»، وفي حوالي الساعة 5 فجراً، يوم الخميس 9 فبراير/شباط 2017.

وشهادات الوفاة التي حملت توقيع «رئيس التشريح الطبي» الدكتور كمال السعدني، جاء فيها أن الشهيد رضا الغسرة (29 سنة) استشهد بسبب طلقات نارية في «الرأس والصدر والحوض»، أما الشهيد مصطفى يوسف فاستشهد بسبب تعرضه لطلقات نارية في الصدر، فيما استشهد الشهيد محمود يوسف بعد تعرضه لطلقات نارية في الصدر والرأس. ولم تذكر شهادة الوفاة عدد الطلقات النارية التي تعرض لها الشهداء.

رحل الشهداء، تم دفنهم، لكن ظلت مقبرة الشيخ ميثم محاصرة حتى رفع عنها الحصار يوم 19 أبريل 2017 ليستطيع المواطنون أخيرا لمس تراب تلك القبور، قبور شهداء أرادوا الحرية ونالوها بطريقتهم.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus