أوبن ديموكراسي: هل البحرين واحة للحريات الدّينية في الشّرق الأوسط؟

حسين عبد الله - موقع أوبن ديموكراسي - 2018-01-24 - 10:08 م

ترجمة مرآة البحرين

في سبتمبر / أيلول، سافر أحد أبرز الأمراء البحرينيين الشّباب إلى لوس أنجلوس نيابة عن والده، [لحضور] ما أشاد به بأنه "حدث تاريخي" للحريات الدينية في العالم.

انضم الشّيخ ناصر بن حمد آل خليفة، من الغالبية المسلمة في مملكة البحرين، إلى الحاخام مارفن هيير، مؤسس وعميد مركز سيمون ويزنتال، لتوقيع إعلان البحرين للتسامح الديني، وإطلاق مركز الملك حمد العالمي لحوار الأديان والتعايش السلمي بشكل رسمي.

وقد أتبع الملك حمد نفسه ذلك بافتتاحية في صحيفة الواشنطن تايمز، وصف فيها البحرين بأنها واحة للحريات الدّينية في الشّرق الأوسط ولخّص المبادئ الأساسية لإعلانه الجديد:

"إنّه من مسؤولية الحكومات احترام وحماية الأقليات والغالبيات الدّينية بمساواة... وليس هناك مجال للتّمييز الدّيني من أيّ نوع".

لكن خلف بريق الحفل الذي حضره الشيخ ناصر في فندق بيفرلي ويلشاير في لوس أنجلوس، أو بروز الملك في الصحف المؤثرة، هناك صورة مختلفة بشكل مزعج - صورة تتعارض كليًا مع سراب المركز العالمي للملك حمد.

فعلى سبيل المثال، القصص الترويجية لزيارة الأمير، تصفه كممثل للجمعيات الخيرية الرسمية والمنظمات الرّياضية في البحرين.

ما يستثنونه هو أنّ العميد الأمير ناصر هو أيضًا شخصية بارزة في مؤسسة الأمن البحرينية -وهو متورط مباشرة في القمع العنيف لحراك الربيع العربي الاحتجاجي في البلاد.

كرئيس للجنة الأولمبية في المملكة، أنشأ الأمير ناصر لجنة خاصة لتنفيذ عمليات الانتقام ضد الرّياضيين الذين ثبت أنهم شاركوا في التظاهرات، ودعا علنًا أن "تسقط طوفة على راسهم [المحتجين]"... حتى لو كانوا رياضيين... البحرين جزيرة وليس هناك أي وسيلة للهرب منها". وغرّد على تويتر أنه "لو كان الأمر لي، سجنتهم مؤبد".

وهناك أدلة موثوقة على تورطه في حملة القمع الواسعة بعيدًا عن العيون. فقد اتّهمت شخصيات معارضة مسجونة -بمن في ذلك زعيم ديني للغالبية الشّيعية المهمشة في البحرين- الأمير بتعذيبهم بنفسه، وبعد أن قدّم لاجئ بحريني أدلة على الانتهاكات إلى السّلطات البريطانية، نزعت المحكمة العليا في لندن حصانة ناصر ضد الملاحقة في المملكة المتحدة.

مع ذلك، فقد كوفئ لخدمته في البحرين، ورُقِّي ليصبح قائد الحرس الملكي في المملكة، وهي قوات نخبة استُخدِمت كجزء من التّدخل الذي تقوده السّعودية في اليمن.

وبعد مرور أيام على عودته من لوس أنجلوس، عُيِّن الأمير ناصر في المجلس الأعلى للدفاع، أعلى سلطة لاتخاذ قرارات الأمن الوطني في البحرين، وهو مؤلف بشكل كلي من أقاربه في العائلة المالكة.

على نحو مناقض للمملكة المتحدة، لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات لمراجعة سجل الأمير ناصر على الرّغم من الضّغط من قبل جماعات حقوق الإنسان، ولذلك احتفظ بحرية المشاركة في احتفالات في لوس أنجلوس، إذ أفلت من العقاب.

المحتجون الذين ساعد [الأمير ناصر] على سحقهم كانوا يدعون إلى حقوق أساسية للإنسان -مثل الحق في حرية الدين والمعتقد وتقرير المصير- وهذا لم يظهر خلال جولته في متحف التسامح في مركز سيمون ويزنتال.

وفي حين تحمي البحرين حقوق بعض الأقليات الدينية في البلاد، إلا أن النظام الملكي المطلق فعليًا زرع الانقسام الطائفي لدى الغالبية المسلمة في البلاد لتقويض الحراك الواسع المطالب بالديمقراطية.

وعلى وجه الخصوص، عمل على حرمان وتجريد الطائفة الشّيعية [من حقوقها] -وهي تشكل تقريبًا 60 إلى 70 بالمائة من مجموع السكان.

ولهذه الأسباب تحديدًا يتناقض إعلان البحرين للتسامح الديني مع بشكل صارخ مع التّصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إذ اعتبر البحرين واحدة من أبرز منتهكي حق في حرية الدين أو المعتقد في العالم.

وعند الإطلاق الأخير لتقرير الحريات الدينية في العالم، الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، صرّح تيلرسون أنّ "أعضاء الطائفة الشيعية [في البحرين] ما زالوا يعانون من التمييز المستمر في التّوظيف الحكومي والتعليم والنّظام القضائي".

وفي مخالفة واضحة لإعلان الملك الجديد، وجدت الخارجية الأميركية أن "الحكومة [البحرينية] واصلت استجواب واحتجاز واعتقال رجال دين شيعة وأفراد في الطائفة [الشيعية] وسياسيين معارضين".

واتفق وزير الخارجية [الأميركي] في الواقع مع الملك وابنه أنّه لا مجال للتّعصب الديني من أي نوع -وخلص بشكل لا لبس فيه إلى أنه "يجب على البحرين أن توقف التّمييز ضد الطائفة الشيعية".

وتؤكد حملة التسامح [الخاصة] بالبحرين أنّ الحرية الدينية "حل حقيقي" لتحدي الإرهاب، لكن الحكومة تواصل استخدام التدابير التّمييزية والقمعية لمكافحة الإرهاب واستهداف المعارضة السّلمية.

ووفقًا لما لفت إليه التقرير الأخير للخارجية الأميركية عن الإرهاب، فإن التّشريع المفرط لمكافحة الإرهاب في المملكة "يهدّد بالخلط بين الملاحقات القضائية المشروعة للمسلحين أصحاب التحركات ذات الدوافع السّياسية وبين المعارضة والطائفة الشّيعية الأساسية وغير العنيفة، بمن في ذلك رجال الدين الشّيعة".

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قوات الأمن المُكَلفة بمكافحة الإرهاب هي بنفسها بؤرة التّمييز الدّيني. المؤسسات الأمنية، بما في ذلك الحرس الملكي [بقيادة] الأمير ناصر، موصدة الأبواب فعليًا حين يتعلق الأمر بتوظيف الشّيعة، مع تقديرات لنسبة العناصر الشّيعة [في هذه المؤسسات] بأقل من خمسة بالمائة.

أدّى التّحيز الهيكلي العميق إلى تعزيز التّطرف، مع وجود أدلة على أنّ المسؤولين ينشرون خطاب الكراهية الطّائفي ويوظفون أجانب متحاملين ضد الشّيعة.

وقد أجبرت مخاوف مماثلة الخارجية الأميركية على إلغاء الدّعم الأميركي المخطط له في الأجهزة الأمنية البحرينية لمكافحة الإرهاب.  

فقط في يونيو / حزيران الماضي، وصفت الحكومة الأميركية مسؤولًا سابقًا في الشّرطة البحرينية بأنه إرهابي عالمي على خلفية انضمامه إلى داعش،  وقد أدى الانشقاق المتزايد من قبل عناصر [الأمن] للانضمام إلى داعش لأن يحذر نبيل رجب من أن المؤسسات الأمنية قد تشكل "الحاضنة الأيديولوجية" للجماعات المتطرفة.

وفي الوقت نفسه، وجد صحافيون أنّ العملية [العسكرية] التي تقودها السّعودية في اليمن -والتي شارك فيها الشّيخ ناصر شخصيًا- قد مكّنت فعليًا مقاتلين متطرفين مثل القاعدة وداعش.

على العائلة المالكة في البحرين أن تدعو إلى الحرية الدّينية في جميع أنحاء العالم -لكن عليها البدء بتطبيق هذه المبادئ فعليًا في الداخل.

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus