صمْت رسمي سعوديّ عن الكشْف النفطي البحرينيّ… فما السّبب؟

استغراب من صمت السعودية على اكتشاف حقل
استغراب من صمت السعودية على اكتشاف حقل

2018-04-06 - 9:56 م

مرآة البحرين (خاص): كانت إشارةً لافتة من الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة خلال لقائه ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة والمسؤولين في قطاع النفط لإطلاعه على تفاصيل الاكتشاف النفطيّ يوم الأربعاء (4 ابريل/ نيسان 2018) حين توجّه بكلمات عاطفيّة إلى دول الخليج العربيّ. فقد أكد على ما وصفها بـ"المواقف المشرفة لأهل الخليج وقيامهم بدعم البحرين خلال فترة كانت فيها بحاجة لدعمهم"، قائلاً إن "هذا الدعم لهو دين في الرقبة حتى وان لم يتم الحديث عنه أو الاتفاق عليه". وواصل في السياق نفسه "لكنّ الإنسان وهذا طبعه يقبل بالشيء حتى يقوم بواجبه وإن تمكن من رد الجميل فهذا ينبع من قيمه النبيلة".

كانت هذه الإشارة لافتةً لأنّها أتت في سياق الإعلان عن اكتشاف ما قالت البحرين إنه أكبر اكتشاف نفطيّ في تاريخ البلاد منذ العام 1932. فهل أراد الملك إرسال رسالة طمأنة إلى دول الخليج العربي، وتحديداً المملكة العربيّة السعودية الّتي يتلاصق الحقل النفطيّ المكتشف والذي أطلق عليه "خليج البحرين" مع حدودها النفطيّة؟ ليس معلوماً بعد؛ وإن كان هناك سبب وجيه لأخذ هذه اللّفتة التي بدت مقصودة على هذا المحمل.

فحتّى الآن، اقتصرت ردود الفعل السعوديّة على هذا الاكتشاف على مغرّدين شعبيين في "تويتر" زفّوا فيها الأماني الخيّرة إلى البحرين في ظلّ صمت رسميّ. هنّأ الداعية السعودي الإخواني المعروف، الشيخ محمد العريفي، البحرين قائلاً "أفرح للبحرين وأهلها بكل خير ونعمة، اللهم بارك لهم فيما رزقتهم". أما الكاتب والمحلل الاقتصادي السعودي  فضل البوعينين، فقد كتب "الحمد لله على ما أنعم به على أهلنا في البحرين من خير فضيل، وأسأل الله أن يجعله اكتشاف خير وبركة على البحرين وأهلها".

لكنّ الجانب الرّسمي السعوديّ لم يقل كلمته بعد. وهو أمر قد يحوي جانباً من الغرابة؛ خصوصاً في ظلّ النفوذ السعودي على القرار البحريني منذ تدخّل قواتها لقمع احتجاجات العام 2011 والتواجد العسكري السعودي في البلاد القائم لغاية السّاعة.

صمت سعودي

صورة لتقرير نشر في جريدة "القبس" الكويتية العام 1990 والذي يتحدث عن أكبر اكتشاف نفطي في البحرين

 

الغرابة في الأمر لا تقتصر على ذلك. فقد كشفت معطيات جديدة بأنّ شيئاً شبيهاً بهذا الكشْف كان قد تمّ قبل نحو ثلاثة عقود؛ لكنه لم يحظَ بإعلان رسميّ بحرينيّ. إذ أظهر تقرير خاص مصوّر نشرته صحيفة "القبس" الكويتيّة نشر في العام 1990 أنّ مسحاً جيولوجياً قامت به شركات بتروليّة أمريكية للبحرين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب "أظهر دلالات على أنّ تكوينات جيولوجية واسعة في المنطقة الواقعة تحت سطح البحرين ومحيط سواحلها الإقليميّة تتضمّن واحداً من أكبر حقول النفط والغاز في العالم". 

وكشف التقرير معلومات عن فوز مؤسسة "هاركين" الأمريكيّة للطاقة بحقوق التنقيب في واحدة من هذه المناطق الساحليّة ذات الاحتمالات الغنيّة في البحرين. وقد اختارت الشركة الّتي يقع مقرها في ولاية تكساس جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية البدء بحفر آبار تجريبيّة عميقة بكلفة 13 مليون دولار تقريباً للبئر الأولى فقط. ويقول التقرير "على الرغم من هذه التكاليف الباهظة إلا أن الشركة تعتقد بأن نجاحها في هذه المنطقة قد يعني حصولها على بلايين الدولارات في المستقبل".

لا نعلم فعلاً ما الذي انتهت إليه مساعي التّنقيب الّتي قادتها مؤسسة "هاركين" في العام 1990. ولماذا اختفى الحديث عن المسوح الجيولوجيّة التي زعمت توافر السواحل البحرينيّة على "واحد من أكبر حقول النفط والغاز في العالم". لكن لعلّه يفكّ جانباً من اللّغز معرفة أنّ واحداً من كبار المستثمرين في شركة "هاركين" في تلك الفترة كان "جيمس باث"، وهو مضارب طائرات من تكساس كان قد أنشأ شركة طائرات مع رجال أعمال سعوديين. إضافة إلى عبدالله طه بخش وهو مستثمر سعوديّ كان يملك حصة تقدر بـ 17 ٪ في الشركة اشتراها في العام 1987. أي قبل نحو ثلاث سنوات فقط من الكشوف النفطيّة المزعومة.

خلال اللقاء الذي عقده الملك البحرينيّ مع المسؤولين في وزارة النفط واللجنة العليا للثروات الطبيعية والأمن الاقتصاديّ والذي سلفت الإشارة له، انتقد الملك ضعف خطط المسؤولين السّابقين عن القطاع النفطي. وقال "إن السياسات التي اتخذها المسؤولون عن القطاع آنذاك أدت إلى ضعف الخطط الموجهة لاستكشاف المزيد من الموارد الطبيعية وكانت الحجة ندرة الفرص الواعدة". تبدو إشارة الملك داخليّة صرفة إلى تقصير المسؤولين المحليين عن فرق الاستكشاف. لكن ماذا لو لم تكن كذلك أو كانت أبعد قليلاً؟

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus