الباحث براين دولي ينصح الولايات المتحدة في دراسة: لا تصفقوا للانتخابات الزائفة في البحرين

براين دولي - موقع بوميد - 2018-11-22 - 12:53 ص

مرآة البحرين (خاص): نشر موقع بوميد دراسة لبراين دولي، من هيومن رايتس فيرست، بعنوان "لا تصفيق للانتخابات الزائفة في البحرين"، حلّل فيها واقع الانتخابات المقبلة في 24 نوفمبر / تشرين الثاني الحالي. 

وأشار دولي في دراسته إلى أن هذه الانتخابات بمثابة خدعة، حيث إنها مفبركة بشكل عميق، "فالبيئة السياسية اليوم أكثر تقييدًا مما كانت عليه في العام 2014، والمكونات الأساسية اللازمة لعملية [انتخابات] حرة ونزيهة، هي ببساطة غير موجودة".
وأضاف أن "التصويت سيجري في بيئة من القمع الشديد حيث لا توجد في الأساس أي فرصة لخوض الانتخابات من قبل شخصيات معارضة حقيقية، فزعماء [المعارضة] البارزون لا يزالون في السجن".
وتطرق دولي إلى أنه منذ العام 2014، تم "تمرير القوانين القاضية بحل الجمعيات الرئيسية في المعارضة، أي الوفاق ووعد وأمل"، لافتًا أن "قانون مايو / أيار 2018 يحظر على زعماء وأعضاء أي من تلك الجمعيات الترشح للانتخابات، كما يحظر على أي شخص حُكِم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر أو أكثر الترشح أيضًا"، أي أن "هذا القانون يمنع كل نشطاء المعارضة من الترشح للبرلمان حيث إن غالبيتهم سُجِنوا في فترة ما".
وفي ما يخص شفافية الانتخابات، قال دولي إنه "ليس هناك لجنة مستقلة للانتخابات أو أي آلية أخرى لإدارة العملية من دون تحيز" كما أنّه "ليس مسموحًا وجود رقابة محلية أو دولية"، بالإضافة إلى أن "الحكومة ستفرض القيود على التغطية الإعلامية الدولية، وقد تم خنق جميع وسائل الإعلام المحلية المستقلة"، مؤكدًا أنه لن يكون لانتخابات 24 نوفمبر / تشرين الثاني أي معنى بالنسبة لغالبية السكان".

ومع ذلك فإن الانتخابات، بالنسبة لدولي، توفر الفرصة الوحيدة للبحرينيين لاختيار أي قادة سياسيين ، وقد يستخدم البعض من الطائفة السنية هذه العملية للتعبير عن استيائهم إزاء الارتفاع الأخير في الأسعار، والذي يحدث وسط هبوط اقتصادي مزعج.
ويرى دولي أن "البرلمان المنتخب في عام 2014 قد عمل إلى حد كبير كختم مطاطي للسياسات الاقتصادية للحكومة، ومن المتوقع أن يلعب البرلمان الجديد الدور نفسه".
خيارات المعارضة
بالنسبة لدولي، في حين يمكن للمعارضة أن تستخدم الحملة الانتخابية للإعراب الجماهيري عن السخط ، فإنه من غير المرجح إلى حد كبير قيام عصيان مدني واسع النطاق. ويلفت إلى أنه "من المرجح أن يؤدي تنظيم أي حراك، حتى لو كان خفيفًا (مثل وقف المرور ، وإضاءة وإطفاء الأنوار المنزلية في وقت محدد كاحتجاج منسق) إلى الاعتقال والتعذيب والمحاكمة الزائفة والسجن. ستقتصر معظم الاحتجاجات على المقاطعة ، أو الغرافيتي (الرسم على الجدران)، أو التعبير عن السخط على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشير دولي إلى أنّه في حال "اتفق زعماء المعارضة المسجونين (ومعظمهم محتجزون في نفس الجزء من سجن جو جنوب العاصمة المنامة) على بيان للإفراج عنهم ليتزامن مع الانتخابات ، فإنه من المحتمل أن يجذب ذلك انتباه الإعلام الدولي على نطاق واسع إلى الانتخابات الزائفة"، كما أنه "من شأنه أن يذكّر العالم بأن شخصيات سياسية سلمية مشروعة تم منعها مرة أخرى من الترشح لمنصب الرئاسة في حين تستخدم الأسرة الحاكمة الانتخابات لتدعي أنها تسمح بمشاركة سياسية ذات مغزى".

وقال دولي إنه "سيكون هناك حضور محدود لوسائل الإعلام الدولية في المملكة حول وقت الانتخابات ، مما يوفر فرصة نادرة ، وإن كانت محفوفة بالمخاطر ، للمعارضين، لمقابلة المراسلين الدوليين".
ويؤكد دولي أن "أسهل طريقة للبحرينيين للتعبير عن استيائهم هي ببساطة عدم التصويت، فالإقبال هو أهم عامل في هذه الانتخابات"، ويرى أنه "كلما زادت المشاركة ، زعمت الحكومة أن عملية [الانتخابات] لها مصداقية"، غير أنه " كلما كان الإقبال أقل ، كان ذلك أفضل للمعارضة ، التي تريد التأكيد على أنهم يُحكَمون من قبل نخبة صغيرة مدعومة بأقلية فقط من البلاد".

لماذا يجب على الولايات المتحدة الاهتمام؟

وفقًا لدولي، لا تزال الولايات المتحدة مؤثرًا رئيسيًا في المنامة ، حيث تقوم بتدريب الجيش البحريني وتزويده بالأسلحة، وتزويد الحكومة بشرعية سياسية دولية كبيرة. وبالنسبة له، فإن مظهر البحرين "الاستقرار من خلال القمع" أمر مضلل.
ومن خلال رفضها للإصلاح، ومن خلال إغلاق القنوات السلمية للمواطنين للتعبير عن المظالم السياسية المشروعة واختيار الممثلين بحرية، يرى دولي أن الحكومة ترفع من فرص زيادة العنف أو اندلاع الاضطرابات الجديدة الأخرى. ومهما كانت نسبة احتمال حدوث صراع، أو توقيته، "فإن المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة مرتفعة جدًا بحيث يتوجب عليها الحذر وعدم تجاهل الغضب المتراكم.
وفي هذا الإطار، يؤكد دولي أنه "من شأن إضفاء الشرعية على الانتخابات الزائفة أن يلحق المزيد من الضرر بسمعة واشنطن في البحرين وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، ما يعزز الاعتقاد بأن الولايات المتحدة سعيدة بالقمع، أو متسامحة على الأقل معه، وأن مصالحها تكمن في دعم نخبة سلطوية والتعامل معها، بدلًا من أن يحصل ذلك مع شعب البحرين".
ويذكر دولي بحديث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن البحرين في مايو / أيار 2011 ، حين قال "إن الطريق الوحيد للمضي قدماً هو أن تنخرط الحكومة والمعارضة في حوار، ولا يمكنك إجراء حوار حقيقي بوجود أعضاء من المعارضة السلمية في السجن"، مؤكدًا [دولي] أن "هذا التحليل ما يزال صحيحًا اليوم، وسيؤدي بعض التحرر السياسي ، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء السياسيين ، إلى زيادة الثقة الدولية في استقرار البحرين من خلال توفير صمام أمان للمعارضة".

ويلفت إلى أن "الانتقال المخطط له إلى نظام سياسي شامل سيكون خيارًا أكثر أمانًا للبحرين وحلفائها من عدم القدرة على التنبؤ باستمرار الحكم بالخوف".

ما الذي يتوجب على الولايات المتحدة فعله؟

يلفت دولي في الدراسة إلى أن "أي تظاهر من قبل الحكومة الأمريكية (وحلفاء البحرين الآخرين) بأن انتخابات 24 نوفمبر / تشرين الثاني هي تمرين في الديمقراطية لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة السياسية في البحرين". ويرى أنه " بدلًا من ذلك ، ينبغي على الولايات المتحدة علنًا انتقاد الحكومة البحرينية بسبب العملية الانتخابية المزورة، والدفع باتجاه إصلاح سياسي حقيقي في محاولة لتشجيع الاستقرار على المدى الطويل"، مؤكدًا أن "الولايات المتحدة تملك عددًا من مواقع النفوذ للتأثير على سلوك الحكومة البحرينية، في حال اختارت استخدامها".
ويشير دولي إلى أنه "على الرغم من أن إدارة ترامب طالبت بالإفراج عن علي سلمان ونبيل رجب ، فقد أخبر الرئيس دونالد ترامب الملك حمد شخصيا وعاملا بأن علاقة البحرين بالبيت الأبيض ستكون أكثر سلاسة مما كانت عليه خلال إدارة أوباما، التي أثارت بشكل متعمد مخاوفها حول انتهاكات حقوق الإنسان وضغطت في بعض الأحيان من أجل الإصلاحات".
وفي هذا الإطار، يقول دولي إن "أي سياسة فاعلة لدعم الإصلاح في البحرين يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تصميم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على حماية عائلة آل خليفة الملكية ومعارضة الحركات المؤيدة للديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة"، لافتًا إلى أنّ كلًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من بين أكثر حلفاء واشنطن قمعًا، وفقًا لسجلاتها في مجال حقوق الإنسان"، وقد "ركزت جريمة اغتيال الصحافي جمال الخاشقجي في 2 أكتوبر / تشرين الأول الاهتمام على طبيعة علاقة واشنطن بالرياض، وهناك الآن فرصة لإعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة الأوسع نطاقًا بالدكتاتوريات الخليجية".
ويرى دولي أنه "طالما تعتقد الحكومة البحرينية أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ستعارضان حتى الإصلاحات المتواضعة، فمن المحتمل أن يكون تأثير الضغط الأمريكي ضعيفًا، ولمواجهة هذا ، ينبغي على الولايات المتحدة أن تحدد الخطوات المهمة للإصلاح الأولي التي يجب عليها الدفع باتجاهها مع البحرين، وتعبئة الدعم الدولي لمثل هذه الإصلاحات من أجل رفع التكاليف بوجه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كي لا تدافعا عن الوضع الراهن". ويلفت إلى أنه "في حين لن يكون من المحتمل أن تؤدي هذه الضغوط إلى تغيير جوهري في السياسة السعودية أو الإماراتية تجاه البحرين، إلا أنها قد تجعلهما أقل عرضة لعرقلة الإصلاح".

توصيات في السياسة

يرى دولي أنه من غير المحتمل أن تدفع إدارة ترامب بقوة باتجاه الإصلاح ، على الرغم من أنه من الواضح أن مصلحة الأمن القومي الأميركي تكمن في إرساء الاستقرار في البلد الذي يستضيف أسطولها الخامس، وعليه، يوجه عدة توصيات للإدارة الأميركية، من بينها:
1. يجب ألا يؤيد المسؤولون الأمريكيون انتخابات 24 نوفمبر / تشرين الثاني، ويجب أن يقروا علانية بأن العملية ليست حرة ونزيهة.
2. ينبغي على المسؤولين الأمريكيين استغلال الفرصة التي أتاحتها الانتخابات لإعادة التأكيد على المطالبة بالإفراج عن زعيم المعارضة علي سلمان، والدعوة إلى الإفراج عن شخصيات معارضة بارزة أخرى سيكون دورها أساسيًا في أي عملية سلمية تقود إلى سياسات شاملة.
3. يجب على سفير الولايات المتحدة في البحرين جوستين سيبيريل أن يعرض زيارة عائلات السجناء السياسيين البارزين في وقت الانتخابات كرسالة مفادها أن الحكومة الأمريكية تعترف بأن قادة المعارضة الشرعيين مستبعدين من هذه العملية. ويجب عليه أيضًا أن يحاول زيارة القادة السياسيين وممثلي المجتمع المدني في السجن في تلك الفترة.
4. يجب على السفير سيبيريل أن يمتنع عن الظهور العلني الإضافي مع كبار المسؤولين في وزارة الداخلية البحرينية. في أغسطس / آب 2018، تم تصويره في حدث لوزارة الداخلية البحرينية حضره العقيد بسام المعراج، والذي ادعت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى بأنه جلاد.


وفي ما يخص الكونجرس الأميركي، يرى دولي أنه يتوجب على أعضاء الكونجرس:

1.  إصدار بيانات علنية وقت إجراء الانتخابات، تشير إلى أن العملية ليست حرة ولا نزيهة، وأنها أمر خاطئ ويجب عدم الترحيب بها كمؤشر على الاستقرار أو الوضع الطبيعي أو الإصلاح.

2.  الضغط من أجل وصول منظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام الدولية إلى البحرين خلال الانتخابات. ويجب على المشرعين الأمريكيين زيارة المملكة بأنفسهم لمعرفة ما يحدث (على الرغم من حرمان النائب ماكغفرن من دخول البحرين في العام 2014).
3. حث السفير الأمريكي في البحرين على زيارة قيادة المعارضة السياسية ونشطاء آخرين في السجن.
4. عدم اللقاء بأعضاء البرلمان البحريني الزائرين أو الاعتراف بهم كممثلين منتخبين بشكل شرعي.

وبالإضافة إلى ذلك، على الكونجرس عقد جلسات استماع بشأن البحرين،لشمل شهادة من مسؤولي إدارة ترامب يشرحون فيها الاستراتيجية طويلة الأجل لتحقيق الاستقرار في البحرين والأماكن البديلة التي يجري النظر فيها في حالة اضطرار الأسطول الخامس للانتقال بسبب الاضطرابات.

خاتمة
في نهاية الدراسة، يؤكد دولي أن "قضية البحرين في 24 تشرين الثاني / نوفمبر مسألة مهمة لأنها ستُقَدّم من قبل الأسرة الحاكمة كدليل على وجود نظام سياسي فاعل"، لافتًا إلى أن "رد فعل حكومة الولايات المتحدة على الانتخابات ونتائجها بمثابة إشارة هامة للموافقة أو الرفض لكيفية معالجة آل خليفة لمظالم الشعب البحريني".
ويرى أن "قادة المعارضة في البحرين - المهددون والسجناء والمنفيون - ليس بحوزتهم إلا بعض الأوراق ليحركوها، لكن صانعي السياسة الأمريكيين يمكنهم التعليق على عدم وجود عملية عادلة، والشرح كيف أنه من المحتمل أن يؤدي استمرار القمع إلى المزيد من التقلبات التي ستكون سيئة للبحرين وللولايات المتحدة على حد سواء".

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus