باقر درويش: دور الخارجية في تقويض هيبة الدولة "ضحية التعذيب حكيم العريبي نموذجا"

باقر درويش - 2019-01-12 - 8:15 م

كشف الأداء الرسمي للحكومة البحرينية في ملف ضحية التعذيب واللاعب البحريني حكيم العريبي مستوى المأزق الذي تعاني منه السلطة أمام أي قضية حقوقية قد تحظى باهتمام الرأي العام الدولي، فإلى جوار المتابعات البوليسية في ملاحقة العريبي في المنفى وتحدي "حق اللجوء السياسي" الذي تغطيه منظمة الأمم المتحدة، والاستعداد الرسمي للذهاب في معركة كسر عظم في أي حالة تتعلق بضحايا المحاكمات غير العادلة، عكست ردود الفعل الدولية في المطالبة بمنع تسليم العريبي بأنَّ السلطات البحرينية فشلت في تنظيف سجلها الأسود المتعلق باضطهاد الرياضيين بعد 2011.

ولكن المهم في هذا الموضوع هو تقييم أداء وزارة الخارجية البحرينية التي فشلت دبلوماسيا في مواجهة الضغط الإعلامي والمدني القوي، وقد تسبب هذا العناد من قبل السلطة في إصرارها على تسلم حكيم العريبي بتضامن غير مسبوق بملف حقوق الإنسان من قبل المجتمع المدني في أستراليا ومجتمع كرة القدم الأسترالية.
لقد أصرت البعثات الدبلوماسية للبحرين في تبرير هذا الاحتجاز التعسفي ومساعي تسليم العريبي، وهو ما تسبب بجعل ملف انتهاكات الرياضيين "بشكل أساسي"، وسجل "سلمان إبراهيم آل خليفة"، وقضايا حقوق الإنسان بالبحرين حاضرة بقوة في وسائل الإعلام الدولية، ما جلب مزيد من الضغوط الإعلامية.
كما أنَّ الأداء غير المقنع، للمواقف الدبلوماسية الإعلامية الرسمية في البحرين وضغط المنظمات الحقوقية المحلية والدولية انعكس بشكل واضح على التغطيات الإعلامية لوكالات الأنباء العالمية التي فتحت ملف انتهاكات حقوق الإنسان المروعة في البحرين، وهذا الضغط القوي ألزم السلطات التايلندية بتحويل الملف للقضاء -وإن كانت النوايا غير واضحة حتى اللحظة وراء ذلك-، والتراجع عن التسليم السريع للبحرين، فضلا عن إجبار "الفيفا" بتبني موقف حقوقي علني.
بيد أنَّ الخارجية البحرينية بدت مصرة على الذهاب بعيدا وإن كان على حساب توتير العلاقات الدبلوماسية مع أستراليا؛ فمن الطبيعي أنَّ استعداء الخارجية للسلطات الأسترالية سينتج مزيدا من مواقف الإدانة في ملف حقوق الإنسان البحريني.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه بلحاظ الانتقادات الحقوقية التي كانت تواجهها أستراليا في ملف "الهجرة وطالبي اللجوء" فإنَّ المتابعة الشخصية لوزيرة الخارجية الأسترالية والسفر إلى تايلند يعكس تطورا في الموقف الدبلوماسي بخصوص قضية حكيم، وهو ثاني موقف دبلوماسي علني خلال شهر تخلله: مواقف إعلامية، وزيارات لمسؤولين أستراليين واختتم بزيارة ماريز باين لبانكوك.
لقد تسبب هذا التعنت الزائد في ملاحقة اللاعب البريء حكيم العريبي، واصرار الخارجية على تسليمه لغرف الموت في تقويض "الهيبة السياسية" لنظام الدولة في البحرين بسبب الإخفاق الدبلوماسي والإعلامي، وإعطاء جرعة مجانية للموضوع الحقوقي، وتعزيز "السمعة السيئة" للبحرين في اضطهاد الرياضيين المحترفين، وفضح "الصورة السوداء" للقضاء المحلي البارع في إنتاج العدالة الزائفة، وترك آثار سلبية على الطموحات المستقبلية لسلمان بن إبراهيم آل خليفة سواء في "الفيفا" أو أية مساحات رياضية أخرى، فعدم تعاطفه مع لاعب بحريني حظي باهتمام الفيفا هي نقطة سوداء يصعب تنظيفها من سجله، وإن حاول تبييض ذلك السجل في 2016 بالضغط على الرياضيين لتقديم مواقف إعلامية غير ناقدة له.


*رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان