حكيم العريبي.. اللاعب الحافي الذي ذكّر العالم بالسجن الكبير في البحرين

أرشيف: الصورة التي هزّت العالم كما بثتها وكالة رويترز
أرشيف: الصورة التي هزّت العالم كما بثتها وكالة رويترز

2019-02-12 - 12:33 م

مرآة البحرين (خاص): ألحقت قضية اللاعب البحريني اللاجىء في استراليا حكيم العريبي هزيمة دبلوماسية وسياسية وحقوقية ساحقة بالنظام البحريني، هزيمة جليّة ومكشوفة أمام الرأي العام المحلي والعالمي لم يتعرض لها النظام بهذا الشكل الواضح منذ فترة طويلة. 

صورة واحدة فقط للقدمين الحافيتين اللتين نشرت صورتهما وكالة "رويترز" وهما مكبلتان بالقيود التايلندية، كانت كافية لتلخيص معاناة شعب البحرين منذ العام 1783 مع العائلة الحاكمة التي رفضت جيلاً بعد جيل الاعتراف بآدمية البحرينيين، وكل من هم على شاكلة حكيم العريبي.
دون شك إنها هزيمة مؤلمة للدبلوماسية التي امتدحها الملك مؤخراً ولم يتبق إلا أن يكتب فيها الشعر.
لم يصدّق أحد في هذا العالم حديث سلطات المنامة أن حكيم العريبي سينال معاملة إنسانية لو تم تسليمه لها، لم يصدق أحد أن القضاء البحريني سينصفه لو تمت إعادته، لم يضمن أحد سلامة العريبي من جريمة التعذيب التي باتت حكاياتها المرعبة مصدّقة في دول العالم الحرّ، لم يصدق أحد أن العريبي يمكن أن يخرج حيا من سنوات عشر تنتظره في سجن جوّ المركزي.
اعتقدت السلطات التايلندية وهلة اعتقاله أنها ستقدم خدمة ترضي بها حليفها رئيس الوزراء البحريني، مثلما فعلت سابقاً حينما سلّمت الشاب علي هارون إلى البحرين. وحينما طالب بإخلاء سبيله عدد من الحقوقيين البحرينيين اللاجئين في استراليا، وبعض الإعلاميين الاستراليين، ظنّ كثيرون أن قضية العريبي مسألة أيام فقط، قبل أن ترد أنباء تعذيبه المرعب من داخل زنازن جهاز الأمن الوطني.
لكن جهود كثيرين، حقوقيين وإعلاميين من داخل المجتمع الاسترالي وخارجه شكلّوا تحالفاً ناجحاً أدى لانتشار إعلامي واسع للقضية، انتشار ككرة النار، مما ساهم في دخول الحكومة الأسترالية بثقلها على الخط، لتتورط تايلند مع بلد لا ترغب أبداً في إغضابه، بلد كأستراليا ذو ثقل كبير جداً في ذلك الجزء من الكرة الأرضية سياسياً واقتصاديًا.
لكن العائلة الحاكمة في البحرين، كعادتها لم تفكر سوى بعقلية الانتقام، لم تقرأ القضية جيداً، وخرج وزير الداخلية كعادته منتفخاً أمام الصحافة ليكرر لاءاته التي لا يعيرها أحد في العالم أدنى اهتمام، كالقول إنه لا يقبل أن يتحدث أحد عن القضاء البحريني.
أصرّت الحكومة على تسلّم العريبي لتعذّبه، ولتضعه تحت "طوفة" ناصر بن حمد التي هدد بها الرياضيين الذي ناصروا المطالب الشعبية في العام 2011. لكنها غفلت أنها تلعب في مناطق "التسونامي"!
فقد أضحت تايلند أمام موجات تسونامي لا تتوقف على مدار الساعة، إعلاميا، سياسيا، وحقوقياً، بعد أن دخل الإعلام الأسترالي والعالمي والحكومة الأسترالية على خط القضية. وسرعان ما أخذت هذه الموجات تضرب البحرين، موجات من التساؤل عن حقيقة البلد الذي يصرخ حكيم العريبي أمام وسائل الإعلام مطالباً بأن لا تتم إعادته إليه.
ماذا يحدث في هذه البلاد؟ ما طبيعة الأزمة السياسية الموجودة فيها؟ كيف تتم معاملة البشر الذين يعارضون الحكومة هناك؟ وهكذا كبرت كرة الثلج حتى أصبحت تسونامي شبيهاً بتسونامي «خاشقجي».
طبع العناد لم يفد حكومة البحرين التي أضيئت كل مصابيح الإعلام عليها وعلى حليفتها تايلند، وهكذا لم يلتفت أحد من شيوخها إلا بعد أن أصبح استسلام تايلند، أمام الضغوط، مسألة وقت فقط.
بدت وزارة الخارجية في اليوم الأخير أكثر الجهات تعبيراً عن شعور النظام بالمرارة. فرغم محاولة السلطات التايلندية إظهار حكومة البحرين بمظهر السلطات الرحيمة، بإعلانها أن البحرين وافقت على سحب طلب تسلمها لحكيم العريبي وإعادته لها، ردت البحرين في المقابل بالقول إن لديها الحق في متابعة إجراءات تسلم العريبي، وأنها سلمت السفير الاسترالي المقيم في الرياض والذي حضر للمنامة، طلباً بذلك! حقاً إنها مسخرة، فاستراليا التي ضغطت على تايلند لن تسلّمه بكل تأكيد، لكن حكومة البحرين أصرت على إثبات عنادها الأهوج.
لقد تذكّر العالم مأساة حقوق الإنسان في بلدنا، وضاعت فرصة على النظام للعب دور القيادة السياسية الحكيمة المتزنة، وبدت حقيقة النظام البدوي الجاف الخالي من المشاعر الراغب في الانتقام، حقيقة القبيلة الراغبة في الانتقام ممن ساهم في خسارة أحد أبنائها منصب رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم قبل أعوام. الخسارة الآن باتت مضاعفة، كل هؤلاء بضربة واحدة من قدم حكيم العريبي.