في دليل من داخل المحاكم على انتزاع الاعترافات بالإكراه: براءة معتقل سياسي من مهاجمة مدرعة رغم اعتراف معتقل آخر عليه

2019-03-28 - 5:00 م

مرآة البحرين (خاص): بعد أن قضى سنتين في السجن ظلما وزورا، برّأت محكمة بحرينية معتقلا سياسيا من تهمة الاعتداء على مدرعة أمنية مع آخرين بعبوات مولوتوف في منطقة الشاخورة خلال العام 2016، وألغت حكما بسجنه 7 سنوات، كان قد صدر بسبب ورود اسمه في نص اعترافات معتقل آخر.

جاء الحكم الجديد بعد أن نقضت محكمة التمييز الحكم السابق وأعادته للمحكمة لتحكم فيه من جديد.

محكمة التمييز ذكرت بأن معد التحريات أفاد صراحة بما لا يقبل الشك بعدم توصل تحرياته لمشاركة المعتقل المذكور في الواقعة محل الاتهام، وأنه لا يقدح في ذلك ذكر اسمه من أحد المتهمين لأن ذات المتهم الذي ذكر مشاركة المعتقل ذكر كذلك أسماء معتقلين آخرين قضت محكمة أول درجة ببرائتهم من التهم المنسوبة لهم.

واتّهمت محامية المعتقل زينب إبراهيم المحاكم التي أصدرت الحكم السابق بمخالفتها للقانون بإدانته بالرغم من إقرار معد التحريات صراحة بعدم اشتراكه في الواقعة.

وتشير هذه الواقعة بوضوح إلى طبيعة الاعترافات التي أدلى بها المتّهم المذكور على زملائه، وهي بلا شك اعترافات انتزعت منه بالإكراه، كما في مئات القضايا التي يقبع بسببها أكثر من 4 آلاف معتقل سياسي في السجن.

ورغم مرور أكثر من 7 سنوات على صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي وثّق هذا الجانب المريع في ممارسات الجهاز القضائي والأمني بالبحرين، لكن الأمور لم تقف عند حد.

تقرير بسيوني قال بشكل صريح إن التحقيقات التي أجرتها اللجنة ولا سيما تقرير الطب الشرعي، تؤكد أنه كانت هناك ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية (في سجون البحرين)، والتي وصلت في عدد كبير من الحالات إلـى التعذيب "وكان الهدف من هذه الممارسات هو الحصول على الاعترافات والإقرارات بالإكراه" (تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، الفقرة 1238)

استناد إلى مثل هذه الاعترافات الزائفة، تتالت منذ العام 2011 صدور الأحكام القاسية ضد المعتقلين السياسيين، بالإعدام والسجن المؤبّد أو السجن لمدد طويلة على شبّان بعضهم لم يتجاوز الثامنة عشرة حين اتُهم بارتكاب الجرائم الملفّقة له على خلفية سياسية.

وتصاعد الأمر بتنفيذ السلطات حكم الإعدام فعلا بحق 3 شبّان اتُهموا بقتل ضابط إماراتي عام 2014، رغم نفيهم المشدّد أمام المحكمة بارتكاب هذا الفعل، وتأكيدهم بأنهم أجبروا على تقديم اعترافات زائفة تحت التعذيب والتحرّش الجنسي.  

مناشدات الأمم المتحدة المباشرة حكومة البحرين لإسقاط التهم والأحكام السياسية الصادرة استنادا إلى دليل الاعتراف، لم تلق سوى التباهي الأصم بنزاهة القضاء.

منذ العام 2011 كان القضاء يسمع من المتّهمين السياسيين جميعا أنّهم تعرّضوا لتعذيب وحشي من أجل تقديم اعترافاتهم، لكنّه صمّ أذنيه تماما. لم يأمر حتى بتحقيق شكلي أو بإحالة أوراق المعتقلين إلى الطبيب الشرعي، وفي بعض الأحيان رفض حتى سماع المتّهمين.

في قضية الأطباء (2011)، يقول تقرير بسيوني إن المتهمين قدموا شكوى تفيد تعرضهم للتعذيب وهم رهن التوقيف، وأنه تم الحصول على اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب، ولكن المحكمة رفضت طلب المتهمين وذهبت في حكمها إلى أن الاعترافات تعتبر جزءا من مجمل الأدلة في القضية وأدين كل المتهمين، قبل أن يستأنف الحكم ويسقط النائب العام التهم ويتغاضى عن الاعترافات المقدّمة.

"مع ذلك يساور اللجنة كثير من القلق إزاء تصرف محكمة السلامة الوطنية على هذا النحو" (الفقرة رقم 1241)

التصرّف الذي أقلق لجنة بسيوني منذ 8 أعوام، لا زال إلى اليوم مستمرا وبلا هوادة. إنه التصرف الصادم والغريب على العدالة، لكن نوع العدالة في القضاء البحريني مختلف عن غيره في العالم، تماما كما هي ديمقراطيتها.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus