النائب السابق علي الأسود: الديمقراطية مفتاح لتأمين مستقبل شباب البحرين

النائب البحريني السابق علي الأسود (أرشيف)
النائب البحريني السابق علي الأسود (أرشيف)

علي الأسود - 2019-05-07 - 2:30 م

في أبريل / نيسان، أعلن ملك البحرين عن توجيه ملكي جديد يهدف إلى احتضان الشباب البحريني الذي وصفه بأنّه "مصدر قوة الأمة". وفي حين لم يتم الإعلان عن تفاصيل ما سيعنيه فعليًا وبشكل ملموس هذا التّوجيه -أو ما إذا كان الأمر في الواقع أكثر من خطاب فارغ، هناك شيء واحد أكيد،؛ شباب البحرين يهتمون بالإصلاح السّياسي، وإلى أن يحدث هذا، لن يعكس مستقبل البلاد تطلعاتهم.

في العام 2011،  حين خرج آلاف البحرينيين إلى الشّوارع للمطالبة بالتّغيير الديمقراطي، كان الشّباب هم الذين قادوا المسيرة. ومنذ ذلك الوقت، استمر الأمر كذلك؛ شباب يتظاهرون من أجل مستقبلهم ومستقبل بلادهم. بالتّالي، من المناسب للملك أن يتطرق إلى تحسين حياة الشباب، لكن فصل ذلك عن الإصلاح السّياسي خطأ [كبير].

في أعقاب تظاهرات العام 2011، شاركتُ في ندوة في تشاتام هاوس في لندن سعت إلى تناول وجهات نظر الشّباب بشأن مستقبل البحرين. حضر في الندوة ممثلون عن الحكومة، وكذلك عن المعارضة، وتركز أحد النّقاشات الرّئيسة حول ما إذا كانت الأزمة في البحرين خلافًا سياسيًا أو طائفيًا. قضية الشّباب في البحرين هي إحدى القضايا التي يكون فيها دمج هاتين الفكرتين، على الأرجح، أكثر عمقًا منه في أي قضية أخرى.

صُمِّمَت الطائفية الموجودة في البحرين بهدف الحافظ على نظام سياسي استبدادي. هي [الطائفية] موجودة لتبرير حكم عائلة واحدة وتُستَخدَم خصيصًا في حال وجود تهديدات لهذا الحكم. كان الأمر أكثر وضوحًا في أعقاب حملة القمع في العام 2011 ضد الاحتجاجات، والتي كانت [حملة القمع]  بطبيعتها طائفية، وهو أمر لا يمكن إنكاره. طُرِد الموظفون الشيعة من وظائفهم، استُهدِفت المناطق الشيعية بقنابل الغاز المسيل للدّموع وحُرِم الطلاب الشّيعة من المنح الدّراسية أو طُرِدوا حتىى من مدارسهم وجامعاتهم.  

كان لهذا الواقع تأثيره على المجتمع، وقد حذّرنا [نحن في المعارضة] غالبًا من مخاطر تأجيج التّوترات الطائفية بهدف تبرير الممارسات القمعية، وهو ما تطرقت إليه اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في تقريرها [تقرير بسيوني]. ليست الكراهية بين الطّوائف هي التي تُسَبب الانقسامات في البحرين، لكن إجراءات التّمييز تقوم بذلك بالتّأكيد. ووضع الشباب يوضح ذلك جيدًا.

تزعم الحكومة أن نسبة البطالة في البحرين تبلغ 4 %، لكن، وكما هو الحال في عدد من الإحصاءات "الرّسمية"، هناك شكوك كبيرة بهذا الشّأن. تُقَدر المعارضة نسبة البطالة بـ 20 %، ما يعني أن واحدًا من بين كل خمسة أفراد من دون عمل. وعلى الرّغم من أن الشّباب في البحرين يحظون بتعليم جيد، تُشَكل الضّغوط والصعوبات التي تحول دون حصولهم على وظيفة مصدر قلق بالغ. في غضون ذلك، يُهَمّش الشباب الشيعة في سوق العمل ويتم غالبًا  تجاوزهم في الوظائف، ما يزيد من غضبهم عند إنهائهم دراستهم.

الضغوط ذاتها موجودة في سوق الإسكان. كان معروفًا لبعض الوقت أن البحرين تعاني من أزمة إسكانية حادة، شعر بها السكان الشّيعة بقسوة -وهي بالطبع مرتبطة بمسألة فرص العمل. ففي حين يدرس الشّباب موضوع الاستقرار وإنشاء عائلة، يُواجَهون بالصعوبات في الإسكان، ويكافحون لإيجاد وظيفة، يكثُر بينهم عدد الشيعة الذين يواجهون تمييزًا منهجيًا في كلا المجالين.

وزارة الشباب  والرياضة، في الوقت نفسه، غير مُجَهزة للتّعامل مع المشكلات اليومية للشّباب. هذه الوزارة تُدار بموجب السّلطة الوحيدة للعائلة الحاكمة، ويترأسها أبناء الملك. وهي غير قادرة على تفهم المشاكل المستمرة التي يواجهها الشّباب في البحرين اليوم، ولا ترغب بذلك على حد سواء.

هذا الوضع يؤدي إلى استياء وغضب حقيقيين لدى الشباب، وهو سبب مشاركتهم في الاحتجاجات من أجل التّغيير. شهدنا أيضًا توجهًا مؤسفًا لدى عدد متزايد من الشّباب للقيام بأعمال عنف تعبيرًا عن غضبهم. ومع أننّا رفضنا دائمًا هذا النوع من الأعمال، وسنواصل القيام بذلك، إلا أنّه من الصّعب تجاهل  أسبابه الجذرية. لا يمكن أن يخاطر شاب، ما تزال الحياة كلّها أمامه، بحريته  وحياته، إلا في حال شعوره بأنّه لم يبقَ هناك ما يعيش من أجله.

لن يعالج توجيه ملكي، وبعض الكلمات المُنتَقاة بعناية من قبل الملك، هذه المشكلة. تحتاج البحرين أولًا وقبل كلّ شيء لإصلاح سياسي يستطيع إنهاء الحكم الدكتاتوري والبدء بإنشاء نظام سياسي أكثر عدلًا، وعلى نحو أهم، أكثر فعالية. بإمكاننا، من خلال التّمثيل المناسب، ومساءلة الحكومة، وتعددية الأصوات، القضاء على الطّائفية التي تُدَمر [حياة] الكثير من الشباب في البحرين.

سيساعد الحد من اعتماد البلاد على النّفط، وتوفير بنية تحتية مُستَدامة في التّخفيف من مشاكل الإسكان والتّوظيف، وسيساهم في خلق الوظائف ومنح الشباب مستقبلًا يتطلعون إليه.

البحرين من أكثر المناطق نموًا من حيث عدد السكان في العالم، ما يعني أن هذه المشكلة ستزداد عمقًا في حال بقي الوضع على ما هو عليه. على العائلة الحاكمة أن توقف التّركيز على الأهداف القصيرة الأجل، وبقائها في السّلطة، وتفتح باب المشاركة.

لا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال إصلاح سياسي جدّي، نابع عن حوار سياسي ذي مغزى بين الحكومة والمعارضة. وكلما رُفِض ذلك، أصبح الوضع أكثر خطورة، ليس في الوقت الحاضر فقط، بل من أجل مستقبل البحرين -التي سيرثها شباب اليوم. إنّه شبابٌ منفتح الذهن، متسامح، وعادل، لكن يزداد تهديده من قبل مؤسسة سياسية تقييدية وقمعية.

 


علي الأسود، نائب سابق في البرلمان البحريني، المعارضة،

جمعية الوفاق الوطني الإسلامية

4 مايو / أيار 2019، لندن


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus