براين دولي: البحرين تتبع التوجيهات الأمريكية في تنفيذ عمليات الإعدام

الملك حمد بن عيسى آل خليفة (أرشيف)
الملك حمد بن عيسى آل خليفة (أرشيف)

براين دولي - موقع لوبلوغ - 2019-07-31 - 9:17 م

ترجمة مرآة البحرين

أعدمت الحكومة البحرينية السجينين السّياسيين علي العرب وأحمد الملالي بإطلاق النار عليهما صباح يوم السبت 27 يوليو/تموز، كما أعدمت رجلًا آخر في قضية منفصلة، غير سياسية. وذكرت وجود عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة كمبرر لفعلتها.

أُدين السّجينان السّياسيان بقتل ضابط شرطة في العام 2017 في محاكمة ضمّت أكثر من 50 مدّعى عليهم. لقد كنت في قاعات المحاكم البحرينية وشهدت كيفية عمل هذه المحاكمات السياسية الجماعية الزائفة، وكيف يتم رفض مزاعم المتهمين بالاعترافات تحت التعذيب، وكيف يُسمَح بالأدلة المُزورة. لا تشبه العملية في أي ناحية ما يمكن التعرف عليه باعتباره جلسة استماع عادلة تفي بالمعايير القانونية الدولية.

في مايو/أيار، دعا خمسة خبراء من الأمم المتحدة إلى وقف عمليات الإعدام "وسط مخاوف خطيرة من أنّ [الرجلين] أُكرِها على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب ولم يتلقيا محاكمة عادلة". وفي اليوم السابق للإعدام، حثّت أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو من خلال الإجراءات الموجزة أو الإعدام التعسفي في الأمم المتحدة على إنقاذ الرجلين. وقالت: "أذكّر البحرين بأن الشيء الوحيد الذي يميز عقوبة الإعدام عن الإعدام التعسفي هو الاحترام الكامل لمعايير الإجراءات القانونية الأكثر صرامة وضمانات المحاكمة العادلة".

حاول أعضاء الكونغرس التدخل أيضًا، إذ حث النائبان جيم ماكغفرن وكريس سميث، الرئيسان المشاركان في لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان في الكونجرس، عشية عمليات الإعدام، البحرين على عدم قتل الرجلين. وغرد  عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب مينينديز أيضًا في نداء مماثل. 

لكن تم تنفيذ عمليات الإعدام على أي حال، ما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية المستمرة منذ فترة طويلة في المملكة. بعد ساعات من عمليات الإعدام، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البحرين، وتوفي أحد المتظاهرين جرّاء استنشاقه الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة في ضاحية البلاد القديم في المنامة، وفقًا لسكان محليين. قوبلت أخبار وفاة السجناء بالابتهاج بين موالي الحكومة الذين نشروا رسائل تهنئة على تويتر. كما قام أحد المخابز المحلية بصنع قوالب الحلوى احتفالًا بعمليات الإعدام.

لا تزال البحرين تعاني من الاحتجاجات الجماهيرية من أجل الإصلاح في العام 2011، عندما سحقت الحكومة مظاهرات ضخمة بعنف واسع النطاق، بما في ذلك التعذيب. لقد أسقطت الحملة القمعية معظم الاحتجاجات، لكن لا يزال التوتر قائمًا، ومن الصعب أن نرى أن الوقت سيشفي جراح البلاد. بالعكس، المملكة مقسمة أكثر مما كانت عليه قبل عقد مضى.

تم القضاء فعليًا على المجتمع المدني المحلي، مع ازدياد المسؤولية والتشديد على أولئك الموجودين خارج البلاد للضغط من أجل الإصلاح. في محاولة يائسة لوقف عمليات الإعدام، اعتلى المتظاهر موسى محمد سطح سفارة البحرين في لندن. اقتحمت الشرطة المبنى في النهاية عندما بدا أنه [محمد موسى] هوجِم من قبل موظفي السفارة.

البحرين لا تتجه نحو الأمان، بل نحو المزيد من الاضطرابات. إنها مجرد مسألة وقت إلى أن تنفجر الاضطرابات الواسعة مرة أخرى. إن الفشل في معالجة المظالم التي دفعت انتفاضة 2011 ، بالإضافة إلى سياسة التخويف  والترهيب الجماعي، لا يُشكلان وصفة للأمن المستدام.

زادت الأسرة الحاكمة من القمع في السنوات الأخيرة، وحظرت وجود جماعات المعارضة،  وكذلك منعت أعضاءها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية الشّكلية في العام الماضي. وأجبرت السلطات صحيفة الوسط المستقلة الوحيدة في البلاد على إغلاق أبوابها قبل عامين.

لا تزال شخصيات معارضة بارزة وقادة حقوق الإنسان -بمن فيهم عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب وناجي فتيل- في السجن. في حين اضطر آخرون للرحيل إلى المنفى. اختفت منذ فترة طويلة وعود الحكومة بإجراء "حوار وطني" جامع، والتي كان المسؤولون السذج في واشنطن ولندن يصدقونها بحماس.

يستفيد النظام القمعي في البحرين من التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، حيث إن مسؤولي إدارة ترامب سعداء بما يكفي للبقاء صامتين بشأن عمليات القتل وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في مقابل ولاء المنامة في الحرب ضد طهران. ناشد النشطاء المحليون مع السفارة الأمريكية في البحرين ليقولوا شيئًا علنيًا لوقف عمليات الإعدام، ولكن من دون جدوى، ويبدو أن هناك احتمالًا ضئيلًا لأي رقابة ذات معنى من إدارة ترامب (أو من حكومة بريطانية برئاسة بوريس جونسون) لإجبار نظام البحرين على التغيير.

على مر السنين، يفهم معظم المسؤولين الحكوميين الأجانب الذين ناقشت معهم البحرين الأساسيات جيدًا. إنهم يوافقون حتى، سرًا، على أن العائلة الحاكمة تقود المملكة إلى كارثة وأن قمعها سيؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية، مع عواقب وخيمة ليس فقط على البحرين بل على حلفائها.

لم أقابل قط أي شخص من وزارة الخارجية، أو من وكالات الاستخبارات الأمريكية، أو من المملكة المتحدة أو من وزارات خارجية أخرى مختلفة، لا يعتقد فعليًا أن الأسرة الحاكمة البحرينية ليست سوى قنبلة موقوتة. ولكن نظرًا لأنهم لا يعتقدون أن الأمر على وشك الانفجار على الفور، فإنهم يدافعون عن طريق الأقل مقاومة، والحفاظ على الوضع الراهن، مع الأمل أنه بحلول الوقت الذي تحدث فيه المشكلة، سيكون حلّها على عاتق الذين يخلفونهم [في مناصبهم]. 

يتعلق فشل الحكومة الغربية في البحرين بقصر النظر  كما بالأيديولوجيا. ويجعل التزام الصمت بشأن عمليات الإعدام بدلاً من التسبب في ضجة دبلوماسية، أكثر سهولة، على المدى القصير. لكن تجاهل المشكلات لن يجعلها تختفي. من المتوقع تنفيذ المزيد من عمليات الإعدام في البحرين -هناك ثمانية سجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام عليهم بعد أن استنفدوا جميع سبل الإنصاف القانونية، في حين ينتظر اثنان آخران استئنافًا نهائيًا ضد أحكام الإعدام.

لقد شهدنا ما يحدث عندما يغض المسؤولون الأمريكيون النّظر عن الانتهاكات في البحرين وفي البلدان المجاورة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يشجع ذلك على المزيد من عنف الدولة. ما حدث في نهاية الأسبوع الماضي سيكون في النهاية جزءًا من الثأر لسنوات من القمع، وعندما يحدث ذلك، ستندم الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون الآخرون للبحرين على عدم مواجهة المشكلة الآن.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus