علي حاجي: تعرضت للتعذيب والسجن في البحرين لسبعة أعوام. هل تدعم المملكة المتحدة ذلك أيضًا؟

لحظة اعتقال علي حاجي خلال احتجاجات في المنامة  (أرشيف)
لحظة اعتقال علي حاجي خلال احتجاجات في المنامة (أرشيف)

علي حاجي - صحيفة الإندبندنت البريطانية - 2020-08-20 - 10:29 م

ترجمة مرآة البحرين

أكتب إليكم اليوم من سجن جو، السيئ السمعة في البحرين، حيث أمضيت السنوات السبع الماضية كسجين سياسي على خلفية تنظيم احتجاجات تطالب بالإصلاح الديمقراطي. أنا واحد من آلاف البحرينيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم وإصدار أحكام مطولة بحقهم، في محاكمات جائرة كجزء من حملة الحكومة، التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، ضد المعارضة.

لقد أدّت الانتهاكات التي تعرّضت إليها إلى مجموعة من الإصابات التي ما زالت تعصف بحياتي اليومية. خلال ساعات من الضرب الوحشي، كُسِر أنفي بشدة، ما تطلب إجراء عمليتين لإصلاحه، وأُصِبت بصمم جزئي وتلف دائم في الخصيتين والفك. ومع ذلك، في حين قد تبدو تجربتي مروعة، إلا أن التعذيب كان لفترة طويلة أداة للسّيطرة السّياسية في البحرين، ولدى المئات من زملائي السجناء قصص مماثلة.

مؤخرًا، وصلتنا أخبار في السّجن بأن الحكومة البريطانية فرضت عقوبات على غرار [عقوبات] "ماغنيتسكي" ضد منتهكي الحقوق الدولية للإنسان، ما أوقد آمالًا لدى بعض السجناء بإمكانية محاسبة المسؤولين عن التعذيب والسجن. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك المطلعين على الصّداقة الطّويلة لبريطانيا مع البحرين، تبدو هذه الآمال في غير محلّها.

غالبًا ما تتفاخر الحكومة البريطانية بمعارضتها للتعذيب، لكنها لعبت في الواقع دورًا تاريخيًا في إضفاء الطابع المؤسساتي عليها في البحرين، وهي لا تزال تغض الطرف عن الانتهاكات في محميتها السابقة حتى يومنا الحالي. في عشرينيات القرن الماضي، كانت المملكة المتحدة مسؤولة عن إنشاء أول قوة شرطة في البحرين، وكشفت مصادر معاصرة أن عددًا من تقنيات التعذيب التي تعرضت لها شخصيًا، بما في ذلك الضرب المتعمد والحرمان من النوم، قد تم إدخالها خلال هذه الفترة.

منذ استقلال البحرين في عام 1971، ظلّت حكومة المملكة المتحدة على صلة وثيقة بالعائلة الحاكمة في البحرين، وكانت مترددة في انتقاد سجلها السّيئ في مجال حقوق الإنسان. تتفاخر الصحف الحكومية البحرينية، وهي الوحيدة المُتاحة للسجناء منذ أن أغلق النظام الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد في عام 2017 ، كثيرًا بدعم المملكة المتحدة للبحرين، لا سيما جهودهم لإصلاح الشرطة والقضاء السّيئ السمعة. ومع ذلك، على الرغم من تلقي آلاف الجنيهات الإسترلينية من دافعي الضرائب البريطانيين، فإن هذه المؤسسات لا تزال فاسدة كما كانت دائمًا.

يظل التعذيب محوريًا في نظام العدالة في البحرين، كما أن الزيارات الدراسية للقضاة البحرينيين إلى المملكة المتحدة لم تفعل شيئًا لتقليل اعتماد المحاكم البحرينية على الاعترافات بالإكراه. تشير أدلة قوية إلى أن خمسة من الرجال الستة الذين أُعدِموا في البحرين منذ العام 2017 تعرضوا للتعذيب لتقديم اعترافات كاذبة. تشاركتُ الزنزانة مع أحد هؤلاء الرجال، وهو مدرس لطيف يبلغ من العمر 27 عامًا، يُدعى عباس السميع، ولن أنسى أبدًا الرّعب الذي شعرتُ به عندما علمت أنه واثنين آخرين قُتلوا برصاص فرقة إعدام تابعة للدولة.

نظام الظلم في البحرين لا يزال قاسيًا اليوم. في الشهر الماضي فقط، رُفض الاستئناف النهائي لضحيتي التعذيب محمد رمضان وحسين موسى ضد حكم الإعدام الصادر بحقهما، في محاكمة اتهمها عدد من النواب البريطانيين والمنظمات غير الحكومية البارزة وكبار محامي حقوق الإنسان بأنها زائفة بشكل أساسي. وينضمان إلى 10 سجناء سياسيين بحرينيين آخرين استنفدوا السبل القانونية للإنصاف ويواجهون الإعدام الوشيك.

كذلك، لم تنجح محاولات المملكة المتحدة لمعالجة الإفلات المتفشي من العقاب، والذي تتمتع به قوات الأمن البحرينية. أثارت الكثير من هيئات الرقابة المحلية، المدربة على حساب دافعي الضرائب البريطانيين والمُفَوّضة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، انتقادات دولية واسعة النطاق لقربها من الحكومة. لقد اختبرت هذا التواطؤ بنفسي. عندما تعرضت للاعتداء من قبل حراس السجن في العام 2015 على مرأى ومسمع من كاميرات المراقبة، تسترت هذه المؤسسات بفاعلية على الهجوم، حتى بعد أن قدّمتُ أسماء الضباط المسؤولين.

مثل هذا التواطؤ مستمر حتى يومنا هذا. في وقت سابق من الصيف الحالي، وُضع زميلي السجين محمود الجزيري، وهو صحفي مسجون على خلفية كتابة مقالات تنتقد الحكومة، في الحبس الانفرادي لتحديه تصريحات كاذبة أدلى بها رئيس إحدى هذه الهيئات الممولة من المملكة المتحدة على التلفزيون البحريني.

موظفو السجون البحرينية استفادوا أيضًا من التدريب البريطاني، حيث استمتعوا بجولات مع مرشدين في السجون في بريطانيا وإيرلندا الشمالية لتعلم أفضل الممارسات. ومع ذلك، لا يزال السجناء يعانون في ظروف اكتظاظ مزرية، حيث أصبح التباعد الاجتماعي مستحيلًا ولا يزال السجناء لا يحصلون على الأقنعة أو معقم الأيدي بعد أشهر من تفشي الوباء، وقد أدت هذه الظروف إلى تفشي الجرب المستمر، الذي أصاب معظم السجناء في المبنى الذي أنا مسجون فيه، من ضمنهم أنا نفسي. الجرب مرض جلدي شديد العدوى يتطور في البيئات غير الصحية ويتفاقم بسبب فصول الصيف في البحرين، حيث تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية بانتظام. ووفقًا لما ذكره معهد البحرين للحقوق والديمقراطية و20 منظمة حقوقية أخرى مؤخرًا، في حال وصل فيروس الكورونا إلى سجن جو، ستكون النتائج مدمرة، لا سيما بالنسبة للقادة السياسيين المسنين الذين يعانون من ظروف صحية أساسية. مثل هذا التجاهل لصحة النزلاء ليس جديدًا. ولطالما كان الإهمال الطبي أحد أكثر وسائل البحرين مكرًا لإساءة معاملة السجناء السياسيين. خلال العامين الماضيين، أُجبِرت على خوض إضرابين عن الطعام لمدة 75 يومًا فقط لتأمين العلاج الطبي. بعد إزالة 13 سنًا منذ ما يقرب من عام، ما زلت بانتظار متابعة الجراحة، وأكافح حتى لاستهلاك الطعام الصلب.

الآن، يتم استخدام فيروس كورونا كذريعة لحرماننا من الرعاية الطبية بشكل أكبر، مع إلغاء جميع المواعيد الخارجية حتى إشعار آخر، وقد وفّر الدعم البريطاني الثابت للبحرين للنظام مظهرًا مناسبًا للإصلاح الذي يستمر وراءه في ترويع شعبه. حتى الأصفاد التي أجبرنا على ارتدائها عند التنقل في السجن هي تذكير بهذه العلاقة الخبيثة، إذ تحمل حروف TCH ENGLAND، التي تشير إلى اسم شركة أمنية مقرها برمنغهام.

بالنسبة لجميع السجناء السياسيين البحرينيين، من المؤلم مشاهدة حكومة المملكة المتحدة دائمًا إلى جانب مع المعتدين علينا بينما نعاني خلف القضبان. إذا كانت الحكومة [البريطانية] جادة بشأن الإصلاح في البحرين، فعليها أن تبدأ بالمطالبة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين.

النص الأصلي