الفلسطينيون يحتجون على التطبيع بين البحرين والكيان الصهيوني

فلسطينيون يحرقون صور ترامب ونتنياهو وحمد بن عيسى ومحمد بن زايد  يوم السبت في دير البلح في غزة
فلسطينيون يحرقون صور ترامب ونتنياهو وحمد بن عيسى ومحمد بن زايد يوم السبت في دير البلح في غزة

هيئة التحرير - موقع الجزيرة - 2020-09-16 - 8:21 م

ترجمة مرآة البحرين

أحرق فلسطينيون في غزة صور زعماء إسرائيليين وأمريكيين وبحرينيين وإماراتيين يوم السبت احتجاجًا على تحرك البلدين الخليجيين لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

وانضمت البحرين يوم الجمعة إلى الإمارات في الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة تمت صياغتها جزئيًا من خلال مخاوف مشتركة من إيران ولكنها قد تترك الفلسطينيين في مزيد من العزلة.

ونظمت حركة حماس، الحاكمة في غزة، التظاهرة، التي شارك فيها بضع عشرات من الأشخاص.

وقال ماهر الحولي، وهو مسؤول في حركة حماس، إنّه "علينا محاربة فيروس التطبيع وسد كل مساراته قبل أن ينجح لمنعه من الانتشار".

وأحرق المتظاهرون صور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وفي حين تشيد الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين بالخطوات الدبلوماسية باعتبارها خطوة مهمة نحو السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ينظر الفلسطينيون إليها على أنها خيانة.

ويخشى هؤلاء من إضعاف الموقف العربي الراسخ الذي يدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة وقبول الدولة الفلسطينية مقابل علاقات طبيعية مع الدول العربية.

وعلى الرغم من الخلاف السياسي العميق الذي يعود إلى العام 2007، إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تتمتع سلطته الفلسطينية بحكم محدود في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وخصومه من حماس، اتحدوا ضد خطوة دول الخليج.

تحالف عسكري

في الضفة الغربية، قال صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الدفع الدبلوماسي لن يحقق السلام إذا لم يتم في بادئ الأمر حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود.

وأوضح أن "الاتفاقية البحرينية والإسرائيلية والأمريكية لتطبيع العلاقات هي الآن جزء من صفقة أكبر في المنطقة. الأمر لا يتعلق بالسلام، ولا يتعلق بالعلاقات بين الدول. إننا نشهد تحالفًا عسكريًا يتم إنشاؤه في الشرق الأوسط".

في غضون ذلك ، قالت إيران يوم السبت إن تحرك البحرين يعني أنها ستكون متواطئة مع السياسات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي، وفقًا لما نقله التلفزيون الرسمي الإيراني. وقال الحرس الثوري الإيراني إن البحرين ستواجه "انتقامًا قاسيًا" من شعبها ومن الفلسطينيين بسبب خطوتها.

وندّدت تركيا أيضًا بالصفقة قائلة إنها تقوض القضية الفلسطينية و "ستشجع إسرائيل على مواصلة ممارساتها غير القانونية ... ومحاولاتها لجعل احتلالها للأراضي الفلسطينية دائمًا".

وعبّر البحرينيون المعارضون لموافقة حكومتهم على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عن إحباطهم على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت، ما يبرز تعقيدات التقارب الخليجي مع إسرائيل.

وانتشر وسوم منها #بحرينيون_ضد_التطبيع و#التطبيع_خيانة على تويتر بعد أن أعلن ترامب عن الاتفاق في وقت متأخر من مساء الجمعة.

وتشترك البحرين، وهي مملكة يحكمها السنة ويقطنها عدد كبير من الشيعة، في عداوة عميقة ضد إيران مع إسرائيل،  وتعتمد على الولايات المتحدة، التي يتمركز أسطولها الخامس في الأرخبيل الصغير ولكن الاستراتيجي.

يوم أسود

وقال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني إن الاتفاق يمثل خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكن السلطة الفلسطينية وحركة حماس دانتاه باعتباره "طعنة أخرى في الظهر" من قبل حكومة عربية.

وبخلاف الإمارات العربية المتحدة، فإن جذور معارضة التطبيع عميقة في البحرين، ولها تاريخ من السياسة المفتوحة حتى لو تم قمعها على مدى السنوات العشر الماضية.

وكتب النائب السابق علي الأسود قائلًا إنه "يوم أسود في تاريخ البحرين".

وشهدت المملكة، وهي أرخبيل صغير يقع بين خصمين إقليميين، السعودية وإيران، موجات من الاضطرابات منذ العام 2011 عندما سحقت قوات الأمن الاحتجاجات التي يقودها الشيعة للمطالبة بالإصلاحات.

وقد انتقدت جمعية الوفاق المعارضة اتفاقية التطبيع.

وقالت على تويتر إن "الاتفاق بين النظام الاستبدادي في البحرين وحكومة الاحتلال الصهيوني خيانة عظمى للإسلام وللعروبة وخروج عن الإجماع الإسلامي والعربي والوطني".

وأعربت جماعات أخرى مناهضة للتطبيع في البحرين وخارجها عن غضبها في تصريحات أرسلتها لوسائل إعلام، ووصفت الاتفاقية بـ "المخزية".

وحدة متدهورة

وقال سري نسيبة، المسؤول السابق في منظمة التحرير الفلسطينية، إن القيادة الفلسطينية "مستاءة للغاية"، مضيفًا "لكنني لا أعتقد أنهم مستاؤون أكثر مما كانوا عليه في الماضي بشأن العالم العربي بشكل عام. لطالما اشتكى الفلسطينيون من أن العالم العربي لم يقف وراءهم كما ينبغي".

وقد أصبحت القضية الفلسطينية بالفعل أقل مركزية حيث هزت المنطقة انتفاضات الربيع العربي والحرب في سوريا والهجوم الدموي الذي شنته جماعة داعش المسلحة.

في الوقت نفسه ، تعمق العداء بين السعودية وإيران.

وقال المحلل الفلسطيني غسان الخطيب إنّ "هناك كل أنواع المشاكل في العالم العربي - نزاعات وثورات وحروب أهلية وتوترات بين دول عربية مختلفة" موضحًا أن "الفلسطينيون يدفعون الآن ثمن تدهور الوحدة العربية".

وتحافظ السلطة الفلسطينية على شرعية ما يسمى بـ "الإجماع العربي" وترفض فكرة عزله. ولطالما اعتبر هذا الإجماع أن الدول العربية لن تطبع العلاقات إلا إذا استوفت إسرائيل عددًا من الشروط.

أحدها انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب الأيام الستة عام 1967، وهناك شرط ثانٍ هو الموافقة على دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وشرط ثالث متعلق بإيجاد حل عادل لملايين اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم.

وقال جبريل الرجوب، وهو أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين، إنه "نأمل أن تظل الدول العربية ملتزمة بهذا التوافق"، مضيفًا أن الابتعاد عنه "لن يؤدي إلى شيء".

وحذر من أن "من يخالف الإجماع العربي ... سيتم عزله" على المدى الطويل.

اختيار الأفرقاء

وتحدث دبلوماسي غربي، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، فشارك الرأي القائل بأنه في الوقت الحالي "ليس للفلسطينيين مخرج حقيقي"، كما أنهم عالقون بسبب أولئك الذين يريدون دعم قضيتهم سواء كانت تركيا أو إيران".

وإيران لديها بالفعل علاقات مع حماس والجهاد الإسلامي، وعلاقات أكثر برودة مع السلطة الفلسطينية.

كما تلقت القضية الفلسطينية الدعم من تركيا، وهي قوة إقليمية على خلاف متزايد مع إسرائيل، وتدعم عسكريًا فصيلًا منافسًا في الحرب الليبية للإمارات ومصر.

وقالت جاليا ليندنشتراوس، وهي باحثة في المعهد الوطني الإسرائيلي للأبحاث الأمنية، إنّه لدى "تركيا طموح لتزعم هذه القضية، وتشير إلى نفاق الدول العربية والغرب على حد سواء لعدم تأكيدهم بما فيه الكفاية عليها".

وشدد الرجوب أنه "نحن لا نتجاهل أي دولة. تركيا قوة إقليمية عظمى، إنها دولة إسلامية، ونحن على علاقة جيدة معها" مضيفًا أنّه "سنواصل التعاون مع الجميع".

لكن الخطيب قال إنّه على الفلسطينيين الابتعاد عنهم، وأضاف أنه "ليس من الحكمة أن يقع الفلسطينيون في خضم التوترات الإقليمية والمنافسة بين القوى الإقليمية العظمى".

وأشار أنه "إذا انحازت [فلسطين] إلى إيران، فسوف تخسر المملكة العربية السعودية، وإذا انحازت إلى تركيا، فستفقد طرفًا آخر" لافتًا إلى أنّه "من الأفضل للفلسطينيين أن يحافظوا على مسافة آمنة من هذه القوى الإقليمية العظمى المختلفة".

النص الأصلي