الفورمولا 1 تواجه تهمة مساعدة البحرين على تبييض سمعتها

مشهد من سباق الفورمولا 1 الذي جرى اليوم في البحرين
مشهد من سباق الفورمولا 1 الذي جرى اليوم في البحرين

جيلز ريتشاردز - صحيفة الغارديان - 2020-11-30 - 5:33 ص

ترجمة مرآة البحرين

بعد فترة وجيزة من فوزه الأسبوع الماضي ببطولة العالم السابعة للفورمولا 1 في تركيا، وجّه لويس هاميلتون تحذيرًا للرياضة التي يحبها. وقال إنّ الوقت حان لتحمل مسؤولياتها ولمواجهة قضايا حقوق الإنسان التي تعصف ببعض الدول التي تزورها، والتعامل معها، وعليها القيام بذلك الآن.

كان يدرك أن سباقي الفورمولا 1 المقبلين سيُقامان في البحرين، وسيكون أولهما يوم الأحد. كان هاميلتون حادًا في دفع الفورمولا 1 إلى تبني مناهضة العنصرية وحقوق الإنسان والتنوع هذا الموسم. إنه الشخصية الرياضية الأكثر شهرة على مستوى العالم، ما يجعل من المستحيل تجاهله. كانت كلماته في تركيا لا لبس فيها. وقال: "نحن ندرك أنه يتعين علينا أن نواجه، وأن لا نتجاهل قضايا حقوق الإنسان في البلدان التي نذهب إليها، ليس فقط بعد 20 عامًا، أو 30 عامًا من الوقت الحالي، بل الآن".

ومع إعادة كتابة جدول الفورمولا 1 بسبب الجائحة، تستضيف البحرين سباقين متتاليين. لا شك في أن النظام مسرور بذلك، لكن جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن وجود الفورمولا 1 ليس سوى تبييض لإخفاء القمع من خلال الرياضة.

في العام 2015، تبنت الفورمولا 1 التزامًا باحترام حقوق الإنسان في عملياتها على مستوى العالم. يوم الثلاثاء، وجّه 30 نائبًا من أحزاب مختلفة رسالة إلى المدير التنفيذي للرياضة، تشايس كاري، للإصرار على تنفيذها بشكل صحيح. وقالوا إنّه "نحث الفورمولا 1 على استخدام أقصى قدر من النفوذ لإجبار البحرين على إنهاء قمع الاحتجاجات ضد السباق، وتأمين التعويض للضحايا وضمان الدفاع عن حقوق المواطنين البحرينيين".

ووجهت جماعة من مجموعات حقوق الإنسان بقيادة معهد البحرين للحقوق والديمقراطية  رسالة إلى كاري تدعي فيها أن الجائزة الكبرى في البحرين "أصبحت نقطة محورية للاحتجاج الشعبي، وارتُكِبَت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على يد قوات الأمن البحرينية ضد المتظاهرين ".

وتعتقد الفورمولا 1 أنّه بإمكانها أن تكون قوة إيجابية للتغيير عند زيارة مثل هذه البلدان. وتقول المنظمات غير الحكومية إن العكس هو الصحيح وتتهم الفورمولا 1 بـ "أداء علاقات عامة لا تقدر بثمن لحكومة البحرين وتخاطر بالمزيد من تطبيع انتهاك حقوق الإنسان في البلاد"، كما ورد في رسالتها.

وقد أصدرت الحكومة البحرينية بيانًا نفت فيه بشدة أي تبييض من خلال الرياضة.

في العام 2011، أُلغِي السباق المقرر في البحرين بعد احتجاجات حقوقية حاشدة ضد عائلة آل خليفة الحاكمة. ومع ذلك، بعد قمع الربيع العربي في البحرين، عادت الفورمولا 1 كل عام منذ ذلك الحين.

في يناير / كانون الثاني، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرًا يفيد بأن أزمة حقوق الإنسان في البحرين قد تفاقمت منذ العام 2011. واتهمت السلطات بـ "حملة انتقام منهجية" ، بما في ذلك توثيق "الاستخدام الروتيني للتعذيب" في السجن ضد النشطاء المعارضين لـ النظام الحاكم.

في العام الحالي، روت نجاح يوسف، وهي موظفة بحرينية سابقة، لصحيفة الغارديان ما يعنيه هذا بالنسبة لها. وسُجِنَت يوسف في العام 2017 بعد انتقادها السباق والنظام على الفايسبوك. استُخدِم منشورها الذي ينتقد الفورمولا 1  ضدها [في المحكمة] وقالت السلطات إنها أدينت بارتكاب "جرائم إرهابية".

بعد حملة دولية بالنيابة عنها، أُفرِج عن يوسف في أغسطس / آب 2019، وكتبت تقريرًا عن الإساءة والاعتداء الجنسي الذي تعرضت له. ومع ذلك، تقول إنها لا تزال تعاقب من قبل الدولة. كما تم استهداف نجلها كميل من قبل السلطات في العام 2017. ومنذ ذلك الحين، اتُّهِم بارتكاب جرائم متعددة تتعلق بمشاركته في المظاهرات، وحكم عليه بالسجن لأكثر من 20 عامًا. يبلغ كميل من العمر 17 عامًا.

وقالت نجاح يوسف إن "ابني مستهدف بسبب الضغط الدولي الذي حظيت به قضيتي وسجنه انتقام"، وأضافت أن "هذا أمر يجب أن يكون على الفورمولا 1  واجب أخلاقي للاستفسار عنه. وفت الحكومة بوعدها بمطاردة ابني إذا رفضت السكوت. وفي الوقت الذي تتمزق فيه عائلتي، اختارت الفورمولا 1 مكافأة البحرين بالمزيد من الفرص لتبييض سمعتها السيئة من خلال الرياضة".

وتنفي السلطات البحرينية أن يكون اعتقال الاثنين [نجاح يوسف وابنها] وسجنهما على علاقة بالاحتجاج السلمي على الفورمولا 1، وتقول إنهما عوملا بالإجراءات القانونية الواجبة ولم يكن هناك أي دليل على انتهاكات حقوق الإنسان.

ومع ذلك، يصر معهد البحرين للحقوق والديمقراطية على أن السجناء السياسيين يعاملون بشكل روتيني بقسوة. على بعد سبعة أميال من حلبة الصخير، يضم سجن جو عددًا من الأشخاص بمن في ذلك حسن مشيمع، الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة بعد مشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في العام 2011. مشيمع، الذي يبلغ من العمر 72 عامًا، يمر في فترة خمود مرض السرطان، ويعاني من مرض السكري ومشاكل في القلب، لكنّه لم يخضع إلا لعلاج متقطع. يقول ابنه إن السجناء السياسيين يواجهون قيودًا شديدة على الرعاية الصحية، مدعيًا أنهم يجبرون على "تفتيش أجسادهم، وتقييد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل، واصطحابهم إلى مرافق خارجية في حال أرادوا حضور المواعيد الطبية".

وصرح المدير العام البحريني للإصلاح والتأهيل أن مشيمع يتلقى رعاية صحية كاملة ولا يحرم من الرعاية الطبية بأي شكل من الأشكال. وتنفي البحرين تنفي أي إساءة بحق حسن مشيمع أو نجاح يوسف أو نجلها.

هناك سجين آخر في جو هو علي حاجي. حُكِم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات بعد أن ساعد في تنظيم احتجاجات مؤيدة للديمقراطية. بعد إلقاء القبض عليه، قال إنه تعرض للضرب المبرح لدرجة أنه احتاج إلى عملية جراحية، وتعرض للصمم بشكل جزئي، ولأضرار دائمة في خصيتيه. الرجل البالغ من العمر 37 عامًا هو من مشجعي الفورمولا 1 ويتوق لأن تتحرك إدارة الرياضة في هذا المجال.

وطالبت منظمات حقوق الإنسان بأن تعمل الفورمولا 1 تعمل لتأمين العدالة لضحايا الانتهاكات مثل يوسف ولضمان حماية الأفراد المتظاهرين سلمياً من الاضطهاد، في حال كان يجب عليها أن تتسابق في البحرين.

وقال بيان صادر عن الفورمولا 1 إنّه "كنا دائمًا واضحين مع جميع مروجي السباق والحكومات التي نتعامل معها في جميع أنحاء العالم بأننا نأخذ العنف والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان على محمل الجد. إن سياستنا في مجال حقوق الإنسان واضحة للغاية وتنص على أن شركات الفورمولا 1 ملتزمة باحترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا في عملياتها على الصعيد العالمي، وقد أوضحنا موقفنا بشأن حقوق الإنسان لجميع شركائنا والدول المضيفة التي تلتزم باحترام حقوق الإنسان بشأن الطريقة التي تتم بها استضافة الأحداث وتنظيمها ".

ورفض بيان الحكومة البحرينية ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان. وقال إن "البحرين تأخذ التزاماتها في هذا الصدد للغاية على محمل الجد، وهي ملتزمة بدعم أعلى معايير حماية حقوق الإنسان والحفاظ عليها، بما في ذلك الحق في حرية التعبير" مضيفًا أنه "توجد ضمانات دستورية وقانونية قوية وفاعلة لحماية هذه الحقوق والحريات، مع آليات راسخة ومستقلة وشفافة للتحقيق ومعالجة (ومتى كان الأمر مناسبًا، مقاضاة) أي أوجه قصور".

"وقال البيان إنّه "لا يتم القبض على أي شخص أو مقاضاته بسبب التعبير السلمي عن آرائه، ويستفيد جميع الأشخاص الموقوفين (بغض النظر عن التهمة) من ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة الكاملة، بما في ذلك الحق في التمثيل والحق في المحاكمة العادلة أمام القضاء البحريني المستقل. علاوة على ذلك، فإن ادعاءات التعذيب و / أو القصاص مرفوضة بشكل قاطع ".

في السباق في إيمولا ، سُئل هاميلتون عن رأيه بقضايا حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث من المقرر أن تجري سباقات الفورمولا 1 في الموسم المقبل. وقال هاميلتون إنه لا يعرف عنها ما يكفي للتعليق. ومع ذلك، فقد لفت إلى اعتقاد نيلسون مانديلا بأن الرياضة تمتلك القدرة على تغيير العالم. كان مانديلا صريحًا في الاستشهاد بالمقاطعة الرياضية في جنوب إفريقيا باعتبارها تلعب دورًا في إسقاط الفصل العنصري. الرياضة والسياسة تتفاعلان من دون شك.

لدى نجاح يوسف رؤية واضحة عما تمثله الفورمولا 1 في البحرين. تقول "إنها بالضبط ما يستخدمه النظام لتبييض صورته. إنها طريقة لغسل صورته دوليًا على حساب معاناتنا. كيف يمكن أن تبرر الفورمولا 1 أنه يمكن استهداف الأفراد لانتقادهم السلمي لـلفورمولا  ولا تفعل شيئًا حيال ذلك؟"

يبدو واضحًا أن هاميلتون قد أدرك هذا الموسم أن هناك مشكلات أكبر من مجرد السباق على المحك. قال في إيطاليا إنّه "نذهب إلى كل هذه البلدان"، وأضاف "مع أنه حدث رائع ، فإننا لا نترك تأثيرًا إيجابيًا طويل الأمد على تلك الأماكن. السؤال هو هل يمكننا فعل ذلك؟ هل يمكننا أن نساهم بلفت الانتباه إلى قضايا معينة والضغط من أجل التغيير".

طرح هاميلتون السؤال، وعلى الفورمولا 1 أن تتفاعل معه، لأنه إن لم تقم بذلك الآن، فمتى؟ 

 

النص الأصلي