تقرير الخارجية الأمريكية السنوي ينتقد انتهاك حقوق السجناء في البحرين

مبنى وزارة الخارجية الأمريكية
مبنى وزارة الخارجية الأمريكية

2021-04-02 - 1:43 ص

مرآة البحرين (خاص):

أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السّنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم للعام 2020، واستعرضت وضع حقوق الإنسان في البحرين في قسم خاص من 39 صفحة.

وبدأت الخارجية تقريرها بالحديث عن الانتخابات الأخيرة التي أُجرِيَت في العام 2018، فذكرت أنّ كلًّا من جمعيتي الوفاق ووعد المعارضتين لم تشاركا فيها، كونه قد تم حلّهما بقرار من المحاكم في العامين 2016 و2017 على التّوالي. وأشار التقرير إلى أنّ الحكومة البحرينية لم تسمح أيضًا لمراقبين دوليين بمراقبة الانتخابات.

وقالت إن حل الجمعيتين المعارضتين الأساسيتين في البلاد، ووضع قوانين تمنع أعضاءهما السابقين من الترشح للانتخابات، وغياب صحافة مستقلة، وتجريم الانتقاد عبر الإنترنت، خلَقَ محيطًا سياسيًا لا يؤدي إلى انتخابات حرة، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

وعدّدت الخارجية الأمريكية في تقريرها، ما تشهده البحرين من القضايا المهمة والانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، من بينها التعذيب وضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والظروف السيئة في السجن، بما في ذلك عدم الوصول إلى العناية الطبية، والاعتقال التعسفي، والسجناء السياسيين، والتدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية، والقيود على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما في ذلك الحظر وحجب المواقع والتجريم والاعتقالات على خلفية النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، والتّدخل المنهجي بالحق في التّجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، والقوانين التقييدية "للغاية" على المنظمات المستقلة غير الحكومية، والقيود على حرية التحرك، بما في ذلك سحب الجنسية، والقيود على المشاركة السياسية، والقيود الكبيرة على حرية العمال في تكوين الجمعيات.

 وأشارت الخارجية إلى ما ذكرته جماعات حقوق الإنسان عن ضرب عناصر الأمن للمعتقلين، ووضعهم في حالات قسرية، وإذلالهم أمام سجناء آخرين، وحرمانهم من أوقات الصلاة وإهانتهم بسبب معتقداتهم الدينية.

ونقل التقرير عن معتقلين إفادتهم بحصول انتهاكات خلال عمليات التفتيش والاعتقال في منازلهم، وخلال نقلهم إلى السجن. وذكروا أنه تمت إخافتهم بتهديدات من بينها اللجوء إلى العنف في مراكز مديرية التحقيقات الجنائية. 

وذكر بعض المعتقلين في المديرية أنّ عناصر الأمن لجؤوا إلى سوء المعاملة الجسدية والنفسية لإجبارهم على الإدلاء باعترافات وتصريحات من خلال استخدام القسوة أو إنزال القصاص والعقاب بهم.

ونقل التقرير أيضًا عن جماعات حقوق الإنسان أن السلطات استهدفت الأطفال، الذين كان عمرهم أقل من 15 عامًا، وأنزلت بهم مثل هذه الأفعال، ورفضت حصول المعتقلين والسجناء المرضى أو المصابين على العلاج الطبي، ومن بينهم حسن مشيمع، سجين الرأي الذي تدهورت صحته بشكل كبير، وخليل الحلواجي الذي لم يحظَ بالعلاج الطبي المناسب في سجن جو.

ولفت التقرير إلى أن الإفلات من العقاب لا يشكل قضية أساس بالنسبة للقوات الأمنية، إذ ذكرت وزارة الداخلية أنّها اتخذت إجراءات عقابية بشأن عناصر لم يلتزموا بمدونة السلوك، إلا أنّها لم تنشر أي تفاصيل عن حصول إجراءات مماثلة.

وتطرق التقرير إلى أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز في البحرين، والتي أفاد نشطاء حقوقيون أنها قاسية وتعرض حياة السجناء للخطر، نظرًا للاكتظاظ الذي تشهده، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسدية والظروف الصحية والطبية غير الملائمة، ومن بينها سجن جو، إذ يضم المبنى 13 في السجن عددًا من السجناء يتجاوز قدرته الاستيعابية بنسبة 30 %. وتحدث عن الإضراب الذي أعلنه السجناء في المبنى 14 بسبب النقص في الوصول إلى المرافق الطبية، والقيود المفروضة على الزيارات العائلية بسبب جائحة الكورونا.

ولفت أيضًا إلى النقص في المياه ومرافق الاستحمام والصابون، وكذلك الظروف غير الصحية في الحمامات، خلافًا لمزاعم السلطات.

وتحدث التقرير أيضًا عن النقص في الموظفين والتجهيزات في المرافق الطبية في السجون، وكذلك عن صعوبة وصول السجناء، ذوي الأوضاع الصحية الحرجة، إلى العناية الطبية المنتظمة، مشيرًا إلى أن السجناء الذين كانوا بحاجة لعناية طبية خارج السجن أفادوا عن حصول تأخير في نقلهم إلى المستشفى، وعن عدم السماح لهم بالمكوث فيها مدة كافية، خاصة أولئك الذين كانوا بحاجة لمتابعة بسبب وضع صحي حرج أو مرض عضال.

وتطرق التقرير إلى الاعتقالات التعسفية، فنقل عن جماعات حقوقية إفادتها أن عناصر وزارة الداخلية نفذوا عددًا من الاعتقالات عبر تقديم مذكرات اعتقال غير كاملة، أو من دونها حتى.

وقال إن المحامين يعانون من صعوبة في الوصول إلى ممثليهم خلال كل مراحل العملية القانونية، وأفادوا عن صعوبات في تسجيل تمثيلهم القانوني لشخص ما بسبب العوائق البيروقراطية التعسفية، والأسئلة التعسفية من قبل رجال الشرطة، والنقص في إبلاغ الممثلين في أماكن اعتقالهم في السجن، والمتطلبات التعسفية للحصول على أمر من المحكمة للقاء بالشخص الذي يمثلونه بشكل خاص، والحظر المفروض على تسليم وثائق قانونية لهم، وعدم إمكانية الوصول إليهم خلال التحقيق من قبل الشرطة، وعدم إمكانية التشاور معهم في قاعة المحكمة. وذكر وجود تقارير عن عدم التقاء بعض المعتقلين بالمحامين المعينين لهم من قبل السلطات أبدًا، سواء قبل المحاكمة أو خلالها.

وفي ما يخص الاعتقالات، نقل التقرير عن منظمات حقوقية قولها إنّ وزارة الداخلية اعتقلت أفرادًا على خلفية نشاطات مثل الدعوة إلى احتجاجات وتظاهرات والمشاركة فيها، والتعبير عن رأيهم سواء علنًا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل مع أشخاص يهتمون بانتهاك القانون، وذكر بعض هؤلاء المعتقلين أن القوات الأمنية لم تبرز أي مذكرة اعتقال لهم.

وأفاد التقرير أن شخصيات سياسية معارضة أكّدت أن القضاء في البحرين لا زال يخضع للضغط السياسي، خاصة في قضايا الشخصيات البارزة. وتطرق إلى أحكام الإعدام التي أكّدتها المحاكم في البحرين بحق زهير إبراهيم جاسم وحسين عبد الله خليل راشد، وكذلك حسين موسى ومحمد رمضان.

وتطرق التقرير إلى قانون العقوبات البديلة، لافتًا إلى أنّ شخصيات سياسية بارزة تقضي أحكامًا بالسجن مدى الحياة لم تفد من هذا القانون، وقد فُصِلوا عن بقية السجناء. وعلى الرغم من أن السلطات أفرجت عن نبيل رجب، إلا أنها لم تفرج عن خليل الحلواجي، ورفضت أن تمنحه عقوبة بديلة، وتواصل عائلته المطالبة بالإفراج عنه لدواعٍ إنسانية وسط مخاوف على صحته.

وتحدثت الخارجية الأمريكية أيضًا عن انتهاك السلطات البحرينية للخصوصية، سواء عبر دخول المنازل من دون مذكرة، والإضرار بالممتلكات الخاصة أو مصادرتها، وكذلك مراقبة الاتصالات الهاتفية، ومراقبة النشاط السياسي للنشطاء وأعضاء المعارضة داخل البلاد وخارجها. ونقلت عن منظمات حقوقية محلية ودولية أن عناصر الأمن لجؤوا أحيانًا إلى تهديد أفراد عوائل المعتقلين بالانتقام منهم بسبب رفض المعتقلين التعاون خلال التحقيق، ورفضهم كذلك التوقيع على اعترافات.

وذكرت الخارجية قضية محامي الدفاع عبد الله الشملاوي، الذي تولى الدفاع عن شخصيات بارزة في المعارضة، بما في ذلك أعضاء من جمعية الوفاق، واتهامه بالتشهير، والحكم عليه بالسجن ثمانية أشهر على خلفية "التحريض على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها"، و"إساءة استعمال أجهزة الاتصال"، وكذلك الحكم ضد الشيخ عبد المحسن ملا عطية الجمري على خلفية خطاب له اتهمته فيه بـ "التعدي على إحدى الملل وإهانة أشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة". وأشارت أيضًا إلى اعتقال دكتور بتهمة التحريض على العنف  والانقسام الطائفي، لافتة إلى أن النشطاء وجماعات حقوقية يدعون أنّه أسيء تأويل الخطاب، وتم لاحقًا الإفراج عنه مع حظر السفر.

وتناولت الخارجية الأمريكية أيضًا السيطرة والرقابة اللتين تفرضهما الحكومة على وسائل الإعلام الخاصة، بالإضافة إلى ملاحقة أو اعتقال أو تهديد الصحفيين أو المصورين و"المواطنين الصحفيين" الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، ولفتت إلى أنّ الحكومة البحرينية وجهت شكاوى ضد الصحفيين العاملين بدون ترخيص. وذكرت قضية النائب السابق أسامة التميمي الذي أفادت عائلته أنّه تعرض للملاحقة من قبل قوات الأمن على خلفية انتقاده للعائلة المالكة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفُرِض حظر السفر عليه.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد التقرير أيضًا أن وزارة الإعلام البحرينية راقبت وحظرت كل القضايا الحساسة بالنسبة لها، أي ما يتعلق بالطائفية أو الأمن الوطني أو انتقاد العائلة المالكة(آل خليفة)، أو العائلة المالكة في السعودية، أو القضاء، مشيرًا إلى أن بعض الإعلاميين أفادوا أن مسؤولين في الحكومة اتصلوا مباشرة بالمحررين وطلبوا منهم وقف نشر المقالات في موضوعات معينة. ولفت إلى حظر بعض المواقع التابعة للمعارضة في البلاد، ومواقع الإنترنت الممولة من قبل قطر، أو التابعة لها، وكذلك المواقع الخاصة بالجماعات الحقوقية التي تفيد عن أوضاع حقوق الإنسان والسجناء السياسيين في البحرين، وتلك التابعة للمعارضة، والتي توجه انتقادات للعائلة المالكة والحكومة. وقد فرضت الحكومة الرقابة أيضًا على نشاطات الأفراد على الإنترنت، ما أدى إلى سوء في خدمات الإنترنت والهاتف في بعض المناطق، وإلى إجراءات قانونية ضد بعض مستخدميه.  ومن بينهم محامي الدفاع عبد الله هاشم الذي وُجِّهَت إليه تهمة غساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر "أخبار زائفة" بسبب ثمانية تغريدات بين 2017 و2019 تسلط الضوء على فساد الحكومة. وكذلك تم التحقيق من قبل قوات الأمن مع نشطاء سياسيين وحقوقيين بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم تهديدهم بالمس بسلامتهم وسلامة عوائلهم، وتهديد حياتهم، وكذلك هثدِّدوا بعدم الحصول على خدمات اجتماعية مثل التعليم والإسكان.

وأفاد التقرير أن الحكومة مارست الضغوط أيضًا على الحريات الأكاديمية والفعاليات الثقافية، وشمل ذلك عددًا من الإجراءات من بينها استدعاء المدون جاسم آل عباس على خلفية كلمة له تطرق فيها إلى تاريخ المساجد في البلاد، وتحدث كذلك عن حكام شيعة قبل الأمير الأول من آل خليفة.

وفي ما يخص حرية التجمع، أشار التقرير إلى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع أثناء هجومها على بعض الاحتجاجات، لافتًا إلى أن المشاركين فيها نشروا صورًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الاحتجاجات لكنهم أخفوا وجوههم خشية من الانتقام منهم من قبل الدولة.

ولفت التقرير أيضًا إلى أن الحكومة فرضت قيودًا كثيرة في ما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، ناقلًا عن منظمات غير حكومية محلية تأكيدها أن المسؤولين سعوا إلى تقويض نشاطات بعض المجموعات عبر فرض إجراءات بيروقراطية ثقيلة على أعضاء مجالس الإدارة، وكذلك المتطوعين، كما أنّ وزارة الداخلية لم تسمح بحصولهم على تمويل من جهات دولية.

أما بخصوص حرية التنقل، فقد فرضت الحكومة البحرينية حظر السفر على عدد من الأشخاص، وتذرعت بـ "الأمن القومي" في هذا الملف، ورفعت الحظر عن 37 فقط من أصل 87 شخصًا كانوا ممنوعين من مغادرة البلاد. ولفت التقرير إلى أنها منعت عودة الذين تم سحب جنسيتهم، مشيرًا إلى أنّه وفقًا لمجموعات حقوقية دولي' فقد تجاوز عدد المسُسقَطة جنسيتهم 700 شخص منذ العام 2012. كما أنها رفضت منح شهادات ولادة وجوازات سفر لأطفال السجناء، لأن آباءهم لم يقدموا طلبات الحصول عليها شخصيًا، واتهمت الأفراد المسُقَطة جنسيتهم بانتهاك قانون الهجرة.

وتطرقت الخارجية في تقريرها إلى القدرة المحدودة للمواطنين على اختيار حكومتهم ونظامهم السياسي، لافتة إلى أن الدستور البحريني يمنح الملك سلطة حل المجلس النيابي، وبإمكانه القيام بذلك أكثر من مرة للأسباب ذاتها، بالإضافة إل قدرته أيضًا على تعديل الدستور والتصديق على القوانين وإصدارها.

وقالت إن هناك عددًا من المجالات في نشاط الحكومة البحريني، بما في ذلك قوات الأمن وقوة دفاع البحرين، التي تفتقد إلى الشفافية، بالإضافة إلى ملف الاستحواذ على الأملاك العامة، الذي يشكل مصدر قلق لدى جماعات المعارضة.

ولفتت أيضًا إلى أن الجماعات الحقوقية المحلية تواجه صعوبات مفصلية في التصرف بحرية، والتواصل مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وقد لاحقت الحكومة أيضًا قادة ونشطاء في منظمات حقوقية محلية، وأخّرت تسليمهم مستندات مدنية، وكذلك تم طرح "أسئلة غير مناسبة" على أولادهم خلال المقابلة للحصول على منحة دراسية من الحكومة. وأفاد نشطاء أنهم يخشون السفر، خاصة إلى فعاليات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، خوفًا من فرض حظر السفر عليهم. وذكر بعض أعضاء المنظمات الدولية لحقوق الإنسان رفض منحهم تأشيرة الدخول من قبل السلطات البحرينية، أو عدم السماح لأولئك الذين يمتلكونها بدخول البلاد.

وتطرقت الخارجية الأمريكية أيضًا إلى الهيئات الحقوقية الحكومية، وذكرت دورها، كما ذكرت تقرير لجنة بسيوني، مؤكدة أن عددًا من منظمات حقوق الإنسان والمراقبين المحليين والدوليين واصلوا الإعراب عن قلقهم لأن الحكومة لم تنفذ التوصيات الواردة فيه بشكل كامل، بما في ذلك إسقاط التهم ضد الأفراد الذين شاركوا في التعبير السياسي غير العنيف، وتوجيه اتهامات جنائية إلى العناصر المتهمين باستخدام التعذيب، وإدخال مواطنين شيعة في قوات الأمن، وخلق محيط يؤدي إلى المصالحة الوطنية.

وتناولت الخارجية أيضًا في التقرير عددًا من الموضوعات ومنها التمييز والانتهاكات الاجتماعية والمتاجرة بالبشر، وخاصة في ما يتعلق بالعمال، والأطفال، والمرأة، والأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك حقوق العمال، لافتة إلى أن قانون العمل لا يوفر الحماية اللازمة لهم، وأن هناك الكثير من الحالات التي تشهد عدم دفع الأجور، والشكاوى من الانتهاكات الجسدية، كما أن الانتهاكات التي تعود إلى النقص في إجراءات الحماية اللازمة، وجهل العمال بهذه الإجراءات، والمعايير غير المناسبة على مستوى التجهيزات، لا سيما في قطاع البناء.