هل تساهم زيارة البابا للبحرين في تعميق معاناة الشيعة؟

متظاهرون وسط العاصمة المنامة يدعون لانهاء الاضطهاد الطائفي في البحرين    (إرشيفية)
متظاهرون وسط العاصمة المنامة يدعون لانهاء الاضطهاد الطائفي في البحرين (إرشيفية)

2022-10-21 - 9:00 ص

مرآة البحرين (خاص): يزور قداسة البابا فرنسيس البحرين للمشاركة في حوار حول التعايش الإنساني. العنوان في حد ذاته برّاق، لكن ثمة من يخفي خلفه عدم إيمانه المطلق بالحوار. 

دائما ما يؤكد البابا على أهمية الحوار لحل المشكلات ومن بينها مشكلة الفاتيكان مع الصين، ويعرف البابا حجم الألم الذي اعتصره عندما رفض الرئيس الصيني شي جين بينغ لقاءه في كازاخستان سبتمبر الماضي.

وجرى إبلاغ بكين «بأن البابا فرانسيس مستعد للقاء الرئيس الصيني، أثناء وجودهما معا في العاصمة نور سلطان»، إلا أن المسؤولين الصينيين رفضوا اللقاء تحت ذريعة «عدم كفاية الوقت». 

كانت تلك مجرد حجة لرفض اللقاء بالبابا وتسوية الأمور العالقة بين الطرفين، وكذلك يفعل ملك البحرين برفضه المتكرر للحوار وتسوية النزاع السياسي الذي يعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد من الزمن.

وعلى أقل تقدير، فالرئيس الصيني لا يستضيف حوارات للتسامح الديني والتعايش الإنساني، في وقت تواجه فيه بلاده شكوك دائمة حول ملفها المتعلق بالحريات الدينية، حتى استدعى الأمر قداسة البابا أخيرا للتصريح بأن «المسلمين الإيغور (في الصين) مضطهدين». 

لكن ملك البحرين الذي يضطهد الطائفة الشيعية لا يجد أي حرج في استضافة حوار للتعايش الإنساني، وكأنه يريد أن يصوّر أنه أحد دعائم الحوار والتعايش عبر العالم. 

وتخشى الفئات المضطهدة من أن الملك يوظّف هذا الحدث لإخفاء الوجه الثاني من الصورة في البحرين، حيث عشرات القتلى، وآلاف المعتقلين والمحكومين بالإعدام من الشيعة، ومئات العوائل في المنفى بينهم الزعيم الروحي للطائفة الشيعية آية الله الشيخ عيسى قاسم. 

في الواقع، هناك احتمالات كبيرة بأن زيارة البابا للبحرين، دون الإدلاء بموقف ولو سرا، قد تحمل رسالة سلبية للملك بأن صورته كرجل متسامح حصلت على ما يسعى له من رصيد دعائي، وأنه ليس من السهل التأثير عليها. 

إن هذه الرسالة قد تدفع الملك إلى مزيد من التشدد مع الطائفة الشيعية في الداخل، وهو ما يفعله الآن على الرغم من وعود قدمها لزعماء شيعة بالنظر في مطالبهم بالإفراج عن المعتقلين في الحد الأدنى. 

لا تريد السلطات البابوية أن تكون طرفا على الإطلاق في دعم الحكام المتشددين، لكن موافقتها على قدوم البابا للبحرين دون الإدلاء بأي موقف بشأن اضطهاد الشيعية قد يعني أنها تلعب دورا سلبيا من دون قصد في تعميق معاناة الشيعة. 

وعلى النقيض من ذلك، يمكن للمواقف العلنية من الكرسي الرسولي المقدس حول دعمه لتصحيح المسار في البحرين أن تساعد في اختراق جدار بناه الملك حول نفسه يمنعه من الاستماع لصرخات المعتقلين والمعذبين والمضطهدين في بلاده. 

لقد صرح قداسة البابا في أكثر من مناسبة إنه يسعى «إلى دعم درب الحوار». وأنه «من خلال الحوار يتم إيضاح كثير من الأمور». إن البابا مدعو لنقل هذا الفهم للملك عندما يلتقيه في الصخير في الثالث نوفمبر المقبل، لحثه على تبني منهجا مماثلا بشأن الأوضاع في بلاده.

في الحقيقة، سيعتقد الملك -إذا لم يصارحه قداسة البابا- أن اضطهاد السكان الأصليين من الشيعة لا يعني الكثير بالنسبة لثقل ديني بحجم الحبر الأعظم. وأنه مع تداخل المصالح مع الدول الغربية لم يعد هناك من يخشى الملك من انتقاده لانتهاكه قيم الحرية والمساواة. 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus