بعد 8 سنوات... من المحق: الملك أم الشيخ علي سلمان؟

أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان (ارشيفية)
أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان (ارشيفية)

2022-12-27 - 6:50 م

مرآة البحرين (خاص): كان اعتقال زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان في 28 ديسمبر 2014 قرارا سياسيا، حيث اعتقدت العائلة الحاكمة أن اعتقال آخر رموز المعارضة سيؤدي إلى تصفية المعارضة سياسيا بالكامل. 

لقد كان قرار العائلة مرتبطا بالفاصل الزمني المُسمى بـ (الانتخابات التشريعية 2014)، حيث كان المطلوب أن يبصم الشيخ علي سلمان على شرعية الانتخابات وأن يقود جمعيته للمشاركة في الحفلة التي تقيمها العائلة كل أربع سنوات. 

السفارة الأمريكية آنذاك، وبحسب ما لديها من معلومات، أبلغت الشيخ سلمان أن الحكومة ستكون أكثر تشددا مع جمعية الوفاق إذا استمرت من العمل خارج البرلمان، لكن الأخير أبلغها باستعداد الجمعية لتحمل تبعات قرار عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية. 

ويؤكد ذلك، التصريحات الأولى التي أدلى بها وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة بشأن اعتقال الشيخ سلمان في مؤتمر صحافي أقامه (10 يناير 2015) حيث قال إن الحكومة أجّلت قرار اعتقال سلمان لما بعد الانتخابات التشريعية، وأنها تحملت الكثير نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه قبل الانتخابات. 

كل شيء كان يدور حول الانتخابات حقيقة، أما ما ذهبت له المحاكمة من اتهامات جنائية فأقل ما يقال عنها أنها بلا سند. وقد قالت هيومن رايتس ووتش حينها إنها راجعت الخُطب التي اعتقل بسببها سلمان ولم تجد فيها عبارة يمكن أن تشكل اتهاما له. 

في الواقع، كانت التهمة هي عدم السير وراء ما يريده ملك البحرين، الذي كان يرى أن الحل في العودة للبرلمان، بينما كان الشيخ علي سلمان يرى أن هذا البرلمان لا يمكن أن يكون حلا لمشاكل البلاد بأي حال من الأحوال، بل هو جزء من مشاكلها المستعصية... فمن هو المحق اليوم؟

أثبتت التجربة أن البرلمان جزء من منظومة شمولية يسيطر عليها الملك، وأنه يستخدمها لغسيل مراسيمه، فعنه تصدر المراسيم التي تضطهد المواطنين وعنه تصدر قرارات موتهم وإفقارهم، وللبرلمان فقط المصادقة عليها. 

أثبتت التجربة أن الشيخ سلمان كان محقا حين تمسك بحل سياسي شامل يمكن أن يساعد البلاد في النهوض مجددا. فما تعانيه البحرين من أزمات سياسية وحقوقية ومالية متجذرة تحتاج لقرارات أكبر من هذا البرلمان بصيغته الحالية.

أثبتت التجربة أن اعتقال الشيخ سلمان كان قرار سياسيا؛ لإنهاء الحديث عن أي حلول سياسية وأي عمل وطني مشترك، فما كان مطروحا هو أن تستمر العائلة الحاكمة في الهيمنة على السلطة والثروة، وأن على الناس القبول بما تتفضل به عليهم. 

لقد كان اعتقاله محاولة لتصفية آخر كيانات المعارضة الرئيسية ورموزها، وإسكات ما كانت تعتقد أنه آخر صوت يمكنه المطالبة بإصلاحات حقيقية تنهي هيمنة العائلة على النفوذ والثروات الوطنية. 

هل كان ذلك في مصلحة البلاد؟ وحدها الأوضاع السياسية يمكن أن تجيب. 

آلاف المعتقلين وعشرات الشهداء وانتهاكات حقوقية كبيرة، استفراد بالسلطة وسرقات واسعة للثروة الوطنية، وبلاد على حافة الإفلاس، ونسبة بطالة غير مسبوقة على مر التاريخ، وشباب يفقد الأمل في وطنه تحت وطأة الفقر والتهميش. 

بعد 8 سنوات من اعتقاله، تثبت صحة ما أصر عليه الشيخ علي سلمان من أن البحرين بحاجة إلى إصلاحات عميقة يمكن لها أن تنهي أزماتها المستمرة منذ عشرات السنين، وأن ذلك لا يكون إلا من خلال برلمان يتم انتخابه بشكل حر ويفضي لتشكيل حكومة ديموقراطية. 

وحتى يأتي الفاصل الزمني الذي يتم فيه إطلاق سراح الرجل ورموز المعارضة الآخرين يمكن القول إن البحرين وأهلها ستستمر في مراكمة الخسارات محليا وإقليميا، في ظل حكم عائلة أصبحت تمثل عبئا على مواليها قبل معارضيها.