البحرين: مملكة التوحّش... والتطبيع": ملف في "الأخبار" اللبنانيّة في ذكرى 14 فبراير

قوات الأمن تعتقل إمرأة لمشاركتها في مظاهرة تطالب بالإصلاح ووقف التمييز المذهبي
قوات الأمن تعتقل إمرأة لمشاركتها في مظاهرة تطالب بالإصلاح ووقف التمييز المذهبي

2023-02-22 - 5:36 م

مرآة البحرين: في الذكرى الـ 12 لثورة 14 فبراير/شباط في البحرين، نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانيّة ملفاً شاملاً بعنوان "البحرين: مملكة التوحّش... والتطبيع".

وأشارت الصحيفة، في مقدِّمة الملف، إلى أنَّه "على رغم كلّ الصعوبات والمتاعب ومحاولات الوأد التي واجهتْها، لا تزال الثورة مصرّةً على إعلاء صوتها بالمطالبة بالحقوق الإنسانية، ورفْض تحوُّل "أُوال" إلى شرطي لكيان الاحتلال في شبه الجزيرة العربية".

وتضمَّن الملف مقالات لباحثين وصحافيين وناشطين سلطوا الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان وقضايا أخرى سياسية واقتصادية من بينها  "إسقاط الجنسية" و"التطبيع" واعتماد مالية البحرين على برامج الدعم الخليجية.

وكتب الباحث والكاتب البحريني الدكتور علي الديري عن "جريمة إسقاط الجنسية" التي تجعل البحريني "يعيش خارج المكان"، وهو الذي أسقط النظام عنه الجنسية في عام 2021. وقال الديري: "تجربة وجودية، بمعنى أنَّه لا يمكنك أن تُدركها بالحديث عنها، بل بتذوّقها وعيْشها".

وأوضح الديري أنَّ "تجربة إسقاط الجنسية تجربة وجودية، وليست تجربة سياسية، أو على الأقلّ الوصف السياسي لا يمكنه أنْ يستوعبها وإنْ تضمَّنها".

واستحضر ما كتبه إدوارد سعيد، في سيرته عن أمّه لحظة وصولهما إلى أميركا في نهاية الأربعينات، بقوله: "أضحَتْ شخصاً بلا جنسية بعد سقوط فلسطين".

وتحدَّثت مسؤولة الرصد في "منظّمة سلام للديموقراطية وحقوق الإنسان" ابتسام الضائع في مقالتها عن استمرار القتل خارج القانون في البحرين، مشيرة إلى أنَّ "شعب البحرين هو أحد الشعوب المُصادَرة حقوقها، بموجب استراتيجية قمْع وتنكيل، يتصدّرها الاعتقال التعسّفي والإعدام، في قضايا لا أساس لها، واستناداً إلى اعترافات منتَزَعة تحت التعذيب الوحشي".

وأشارت إلى "أحكام الإعدام التي صدرت بحقّ أكثر من 34 شخصاً بينهم سجناء سياسيون، فيما تمّ تنفيذ الحُكم نفسه ضدّ 5 أشخاص، في ما سمَّته المقرّرة الأممية، أغنيس كالامارد، "قتلاً خارج إطار القانون".

وتطرَّقت الصائغ إلى الانتقام السياسي من المرأة البحرينية، مُبيِّنة أنَّ "أكثر من 1600 امرأة خضعن للتحقيق منذ عام 2011، واعتُقلت أكثر من 300 أخريات تعسُّفاً، ليتعرّضن للتعذيب الوحشيّ جسدياً ونفسياً، فيما سُجّلت حالات تحرّش جنسي بهنّ".

وأشارت إلى أنَّ هناك "قرابة 70 سجيناً سياسياً دون سنّ الـ 18 يتمّ التحقيق معهم وإصدار الأحكام بحقّهم كالبالغين".

وخصَّص رئيس "منتدى البحرين لحقوق الإنسان" باقر درويش مقالته للحديث عن التعذيب كـ "فنّ" يستخدمه النظام ضد السجناء السياسيين في البحرين، مشيراً إلى أنَّه "منذ عام 2011 ولغاية عام 2023، رُصدت 20230 حالة اعتقال تعسُّفي توزَّعت بين رجال ونساء وأطفال تعرَّضوا لتعذيب شديد".

وقال درويش: "طوَّر مجتمع الجناة من العناصر والقيادات الأمنية بيئة التعذيب في مراكز الاحتجاز، إلى الدرجة التي يكاد لا يخلو معها عامٌ من توثيق حالات متجدِّدة لسوء المعاملة".

ولفت الانتباه إلى أنَّ "القسوة مع الضحايا تحوّلت إلى ركن أساسي في العقيدة الأمنية في البحرين، للتحصُّل على الأمان الوظيفي وضمان نيْل الترقيات الأمنية".

أما الكاتب والباحث البحريني عباس المرشد فسلَّط الضوء على قضية الأمين العام لجمعية "الوفاق" المعتقل الشيخ علي سلمان، وذكر أنَّه في آخر اتّصال له مع الشيخ سلمان قبل حوالي شهر سأله "كيف ترى السجن بعد أكثر من 7 سنوات؟"، فأجاب، "مطمئنّاً جدّاً"، بقوله: "لديّ همٌ واحدٌ فقط؛ هو أنّني لا أستطيع تقديم خدمة للناس وأنا قيْد الاعتقال".

وبيَّن المرشد أنَّ "اعتقال سلمان كان ضرورة أملتها مرحلة ما بعد عام 2014، التي أقرّ "مجلس الدفاع الأعلى" فيها مشاريع استراتيجية عدّة، على رأس قائمتها مشروع التطبيع وتقسيم البحرين إقطاعياً، ووأد المعارضة السياسية والإفقار الاقتصادي، واستبدال الهوية السياسية والدينية للبحرين".

من جهته، أفرد الأمين العام الأسبق لجمعية "العمل الوطني الديموقراطي - وعد" إبراهيم شريف مقالته للحديث عن "الهاوية" كـ "مصير محتوم" لـ "المارشال الخليجي"، متخوفاً من أنْ يصبح "السيناريو المصري" الذي وضعه له "صندوق النقد الدولي" "حتميَّ التكرُّر في حالة البحرين".

وأوضح شريف "خلال الأعوام القليلة المقبلة، سينتهي رصيد خطّتَي الإنقاذ الخليجيتَين: الأولى لـ "|صندوق التنمية الخليجي" (مِنحة «المارشال الخليجي") بمبلغ 7.5 مليارات دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية والإسكان، والثانية خطّة تمويل برنامج التوازن المالي البالغة قيمتها 10 مليارات دولار من القروض الميسّرة لتمويل عجز الموازنة، إلى أن يتحقَّق التوازن المالي (تمّ تمديده إلى عام 2024 بسبب جائحة "كورونا")"، فـ "عندما تُستنفد أموال "المارشال" المذكور في السنوات الثلاث الآتية، ستُصاب بعض قطاعات الاقتصاد المرتبطة بالبناء والتشييد والبنية التحتية، بحالة من الركود".

وركزت الكاتبة والصحافية اللبنانية لطيفة الحسيني في مقالتها على "السبب الحقيقي الذي دفع الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى اتّخاذ قرار التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني"، فقالت إنَّه "بعد استفحال الأوضاع الداخلية ووصولها إلى حائط مسدود بين النظام والشعب، وغياب أجندة الإصلاح التي تُحاكي هواجس الأخير، ذهب الملك بعيداً في خياراته، مفضّلاً اللحاق بركب التطبيع، علّهُ بهذه الطريقة يستطيع إخضاع آلاف البحرينيين لتحالفاته التي لا تُشبههم، ولو بالقوّة".

واعتبرت الحسيني أنَّ "إصابات الملك للأهداف التي وضعها عند جنوحه نحو المعاهدة مع الإسرائيليين، لم تتحقّق كما أراد".

وأوضحت أنَّ "التطبيع لم يستطع تخليص الحلفاء الجدد للصهاينة من ورطتهم الداخلية ومحو التململ من فضائح الفساد المتواترة عن مسؤولي البحرين، والاستيلاء على الأموال العامّة والثروات والخيرات والتصرّف بها على أنها خاصّة مع تعاظم الحسابات المصرفية للملك وأُسرته الحاكمة".

بدوره، تناول الصحافي البحريني حسن قمبر في مقالته خلفيّات التطبيع، فقال: "يبدو أنَّ ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، يتطلّع إلى أنْ يكون خليفة لوزير الخارجية البريطاني الأسبق، آرثر بلفور، ووريثاً لشاه إيران، محمّد رضا بهلوي، الذي لُقّب بـ "شرطيّ الخليج".

وأوضح أنَّ بعد "تقمُّص الملك حمد "الحالة البلفوريّة" توجُّه إلى تصعيد استراتيجية "صهينة" البحرين، بعد تنفيذ مشروع التجنيس السياسي الذي فضحه "تقرير البندر" في عام 2006، والذي يهدف إلى صُنع "قاعدة شعبية" موالية للنظام الحاكم".