حملة شركات العلاقات العامة في البحرين مصيرها الفشل

2013-05-29 - 5:46 م

جون لوبوك، فايس باتا
ترجمة: مرآة البحرين 

مهلًا، هل حدث لك وأن كنت مالكًا لدكتاتورية تديرها عائلة في منطقة الشرق الأوسط؟ هل تعبت من سماع قصص عن بلدك وكلها: "أميرة من البحرين متهمة بالتعذيب" و " مقتل مراهق في ذكرى احتجاجات البحرين" و " الولايات المتحدة باعت مجموعة من الأسلحة إلى البحرين في خضم قمعها الوحشي"، وحتى "ملك البحرين يضرب نجم بوب عربية على متن يخت"؟ وكما يقولون في الأعمال التجارية:  بالتأكيد إنها سمعة سيئة، وربما لا يمكنك إصلاح سمعتك فقط من خلال مقالات بعنوان "البحرين أرض التسامح..." في وسائل الإعلام التي تديرها الحكومة، خصوصًا عندما يكون ذلك الانحدار دليلًا على أن حتى "الصحفيين" الذين هم على جدول رواتبك بالكاد يمكنهم تصديق القذارة التي يكتبونها.

قد تكون هناك وسيلة واحدة لحل مشكلة سمعتك وهو الترحيب بالإصلاح والتوقف عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، هاها، مجرد مزحة! من الواضح أن ذلك ليس على الطاولة، لذا فأنت تحتاج إلى إنفاق الملايين على العلاقات العامة ودعوة الصحفيين إلى حلبة سباق الفورميولا ون الجديدة ليروا كم هي جميلة. وفقا لـ "بحرين ووتش"، هذا ما يفعله النظام في البلاد: أنفق 32 مليون دولار على الأقل على إدارة سمعته منذ بداية الربيع العربي. أنا على دراية بذلك لأن واحدة من هذه الشركات هددت بمقاضاة صحيفة الغارديان بتهمة التشهير بعد أن كتبت مقالًا مع نبيل رجب متهمين قوات الأمن البحرينية بتعذيب العاملين في حلبة الفورميولا ون. شركة العلاقات العامة لم تشكك بأن التعذيب قد وقع، ولكنها تقول إنه لم يحدث في حلبة سباق الفورميولا ون. التهديد بالتشهير تم سحبه في نهاية المطاف بعد إضافة حاشية لهذا المقال، ولكن تم تحديد الغرض: لدينا مال، وسوف نستأسد ونهددك إذا انتقدتنا.

كنت في اجتماع مشوق قبل أيام في مركز أبحاث في لندن، حيث قال لي متحدث باسم النظام البحريني بجدية إنه لم تكن هناك نتيجة من إنفاق المال على العلاقات العامة لجعل البحرين تبدو جيدة بعد الآن، وكما يعلم الجميع أن تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق يؤكد أن التعذيب كان على نطاق واسع وممنهج في البحرين خلال الانتفاضة. من المضحك بعد ذلك، أن يواصل النظام توظيف حفنة من الشركات للقيام بأعمال العلاقات العامة له. في الواقع، عدد من الأفراد والجماعات التي قدمت الأدلة إلى لجنة الشؤون الخارجية لتقصي الحقائق في المملكة المتحدة حول علاقة المملكة المتحدة  بالسعودية والبحرين معروفون بتبعيتهم للنظام البحريني -- بما في ذلك الجنرال المتقاعد السير غرايم لام، الذي وظفته جي 3، وهي واحدة من أكبر الشركات العاملة حاليا لتعزيز سمعة البحرين، ولكنه لم يذكر تلك الشركة في الإفادات التي قدمها إلى اللجنة.

لام من جانبه، يدّعي أنه لم يكن يعلم أن جي3  مستأجرة من قبل البحرين عندما كتب افتتاحيات  تدعم النظام.  وهو على ما يبدو ليس له عادة في البحث عن أرباب عمله في موقع غوغل. ولو فعل ذلك، لعرف أن جي3- التي يترأسها جيرالد كافنديش جروسفينور، دوق وستمنستر وأغنى رجل في بريطانيا-- لديها عقد مربح من 2.3 مليون دولار لتحسين سمعة البحرين الدولية. وقد كان للملك حمد على الاقل ثلاثة اجتماعات شخصية مع الدوق، وكان آخرها اوائل هذا الشهر، وذلك لمناقشة تجنب العاصفة القذرة للعلاقات العامة السيئة التي لا بد وأنها سترافق سباق  الفورميولا ون في نيسان/أبريل  لهذا العام.

جي 3 هي " شركة للاستشارات الاستراتيجية" (وأيا كان)، فهي لديها يد في صنع تشكيلة واسعة ولذيذة من الفطائر. كانت متورطة في فضيحة فساد فوكس ليام عام 2011، وكانت تعمل لبي أي إي سيستمز (BAE Systems)، أكبر شركة أسلحة بريطانية، واستأجرت مؤخرًا جون ييتس، قائد شرطة لندن السابق الذي استقال من منصبه بسبب فضيحة قرصنة المكالمات الهاتفية وبعدها عمل في البحرين "لإصلاح" شرطتها. ويبدو أنه قد "نجح" بوظيفته كما "نجح" في لندن، منذ أن استخدم رجال الشرطة البحرينيين وما زالوا القوة المفرطة ضد المتظاهرين وإطلاق الغاز المسيل للدموع وطلقات الشوزن على الناس من مسافة قريبة. من الخارج، الشركة تبدو أنها شبكة خبيرة من كبار الموظفين والأرستقراطيين الذين يكسبون المال عن طريق علاقاتهم بطرق مخادعة ولكن قانونية. وبعبارة أخرى، بالضبط هي  نوع من أنواع المنظمات التي ليس لديها أي مشكلة في التعامل مع نظام قمعي.

السرد الرئيسي لجميع أشكال العلاقات العامة التي تستأجرها البحرين، والتي تساعد على إضفاء الشرعية لدعم المملكة المتحدة  والولايات المتحدة للنظام، هو أن البلاد يدار من قبل حكومة لائقة جوهريًا وهي على طريق الإصلاح. حتى الآن لم يتغير شيء على الإطلاق في البحرين على الأقل منذ عام 1950. مطالب الإصلاحيين هي نفسها الآن كما كانت آنذاك: حكومة مسؤولة، ومنتخبة من قبل الشعب، مع الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء. كما كان الحال آنذاك، واتهمت المعارضة بوجود صلات مع قوى أجنبية ( الآن إيران، وحينذاك ناصريي مصر) وقد قدم  "المستشارون" البريطانيون المساعدة للنظام. هذه المتوازيات واضحة في تقرير إخباري من الخمسينات وكانت البحرين قد قامت بمحاولات سابقة لتعزيز سمعتها من خلال خطط رفيعة المستوى وفاشلة، مثل كونها مقصدًا لطائرات الكونكورد، وتحاول مرة أخرى مع سباقات الفورميولا ون. ( نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا  استخدم الفورميولا ون لأغراض مماثلة في الثمانينيات).  ولكن الآن، العنف يزداد سوءًا، والأدوات الرقمية في أيدي المحتجين هي أقوى بكثير الآن مما كانت عليه خلال الانتفاضة الأخيرة في التسعينيات. يجب أن يكون للنظام في البحرين الكثير من الوقاحة، أو الغطرسة، للاعتقاد بأن هكذا "إدارة سمعة" واضحة لن تخدع أي شخص يعير انتباهًا. ولكن إذا كانوا على تواصل مع الناس، فلن يكونوا في هذا الوضع في المقام الأول.

النظام الاستبدادي المتحجر الذي يفضله الملوك في الخليج متخلف كثيرًا عن الوعي التدريجي للناس الذين يحكمهم. فلطالما قال البحرينيون إنهم لا يريدون أن يكونوا رعايا لدولتهم، ولكن شركاء على قدم المساواة في حكومتها.  ولا يريدون أبدًا العودة إلى الوراء ليحكموا من دون إذنهم أو موافقتهم. الأمر متروك للطغاة المستبدين ليقرروا إلى متى يجب أن يستمر العنف والاضطرابات قبل أن يدركوا بأن زمانهم قد ولّى. فبناء حلبة سباق فاخرة واستئجار بعض شركات العلاقات العامة لن يحدث فرقًا على المدى الطويل.

* جون لوبوك متطوع كباحث في مركز البحرين لحقوق الإنسان منذ بداية الربيع العربي. يمكن متابعته على تويتر: @ jwsal



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus