كيف تقمع البحرين الغالبية الشيعية؟

2011-05-25 - 5:45 م

جاشوا كولانجيلو - صحيفة الجاردين:
ترجمة: مرآة البحرين


البرلمان البحريني رحب بي بحفاوة بالغة منذ 6 سنوات سابقة. ولكنه يمنعني هذا الشهر من دخول المملكة الصغيرة التي تجاور شاطئ المملكة العربية السعودية، وتحتضن الأسطول الأمريكي الخامس. خريف هذا العام قد يبدو بعيداً عن النعمة و من السهل شرح ذلك.

في عام 2005 ، كنت أمثل البحرينيين المحتجزين في خليج غوانتانمو، و برفقة زميل ذهبت للبحرين لأتكلم بالنيابة عنهم. شددنا على رفض الولايات المتحدة إجراء محاكمة عادلة لموكلينا،  ولم يحصلوا على حقهم في المعاملة الإنسانية، وألحقت انتهاكات ببعض موكلينا، كما تحققنا من ذلك بواسطة مصادر من الحكومة الأمريكية.

المسؤولون البحرينيون رحبوا بنا، نائب برلماني مرموق دعانا لجلسة تُناقش فيها قضية غوانتانمو. هناك أرعد في كلامه بأن الحق في محكمة عادلة هو شامل للجميع، وشجب بأن مواطنيه من البحرينيين مُحتجزين هنالك. وأشار لنا من منصة المتفرجين بأننا قمنا بالكثير من أجل أبناء بلده وعبر عن جزيل شكره وامتنانه لنا، فصفق لنا زملاؤه النواب بعفوية وحماس.


تم إخلاء سبيل وكلائنا في غوانتنمو عام 2007. و بعد الالتقاء بعدد من النشطاء البحرينيين الذين ساعدونا في عملنا في غوانتنمو لفت انتباهي تدهور أوضاع حقوق الانسان في البحرين نفسها.  في وقت كانت البحرين تروّج بأنها ملكية دستورية. وأن الملك حمد، من العائلة المالكة الخليفية قام بأعمال إصلاحية هامة بعد توليه زمام السلطة عام 1999. و لكن يبدو بأن الحكومة عادت إلى ما هي عليه منذ 2007 من أعمال قمعية كالسابق، كاستخدام التعذيب أثناء التحقيق في أي مشتبه في قضايا الأمن الوطني.


عملت مع منظمة رصد حقوق الإنسان على تحقيق بشأن تعذيب، وقمنا بنشر النتائج في تقرير في فبراير 2010.التقرير استنتج- بناء على شهادات و مقابلات و ملفات أدلة، تتضمن تقارير طبية- بأن مسؤولي الأمن، في سنوات سابقة قاموا بتعليق المشتبه بهم من أطرافهم، واستخدموا أجهزة الصعق الكهربائي، وألحقت أضراراً جسمية أخرى. فطالبنا البحرين بمعاملة الأسرى بإنسانية وتقديمهم لمحاكمة عادلة.


أولئك المسؤولون البحرينون أنفسهم والنواب البرلمانيون أنفسهم الذين استنكروا منع معتقلي غوانتانمو من بعض حقوقهم، قالوا إنه لا ينبغي تصديق تقرير منظمة رصد حقوق الإنسان. الملفت للنظر بأن معتقلي غوانتانمو هم سنّة، وكذلك الفئة الحاكمة التي تكلمت بالنيابة عنهم.  ضحايا التعذيب في التقرير المذكور كانوا من الغالبية الشيعية في البحرين، التي تشكو منذ أمد بعيد، التمييز السياسي و الاقتصادي على أسس طائفية.


سارت الأمور بشكل أسوأ في أغسطس الماضي. قامت الحكومة باعتقال معارضين  وآخرين بتهم غامضة أو من دون تهمة. اتهامات بالتعذيب ظهرت مرة أخرى، والمتهمون أبرزوا آثار التعذيب، وقد شهدت بنفسي بعضها أثناء جلسات المحكمة.


كان ذلك مجرد نذير للأسف، للأحداث الرهيبة التي بدأت في فبراير حين نزل البحرينيون للشوارع بسلمية، مطالبين بمشاركة أوسع في التمثيل السياسي. قامت القوات الأمنية بقتل 7 رجال وجرحت المئات. و حين سمحت مؤقتاً بالتظاهر، قامت بعد ذلك في 14 مارس  قوات الأمن نفسها بقمع المتظاهرين. أُعلن القانون العسكري معززاً بالدبابات السعودية. قتل، واعتداءات، واعتقالات استمرت بعد ذلك.


قمت بالسفر للبحرين في هذا الشهر للتحقيق في الأوضاع ولمقابلة نبيل رجب – ناشط علماني شيعي- الذي كان مساهماً في أعمالنا في غوانتانمو، وكان معنا في جلسة البرلمان حين رحبوا بنا في المرة السابقة بحرارة.الآن هو مستهدف من قبل الحكومة البحرينية.

أخبرني المسؤولون في الهجرة والجوازات، أنهم سيضعوني في الطائرة التالية المغادرة من البحرين. قالوا لي إن " القيام بهذه الأعمال" تتطلب مني الحصول على فيزا مسبقاً. و حين أخبرتهم بأني خلال سفراتي السابقة الكثيرة  للبحرين "للقيام بهذه الأعمال" حصلت على الفيزا أثناء من المطار، فأخبروني: "الأمور اختلفت".


بالطبع الأمور اختلفت،  بالسابق طالبت بمحاكمات عادلة و معاملة إنسانية لكل البحرينيين السنة. أنا الآن أطالب بمحاكمات عادلة ومعاملة إنسانية لكل البحرينين الشيعة بالأخص. لقد طالبت  الحكومة البحرينية بإقرار هذه المبادئ قبل 6 سنوات لصالح وكلائي من معتقلي غوانتانمو، إلا إنها لا تؤيد ذلك الآن للغالبية من شعبها الذي يتعرض لحملة قمع واسعة النظير.
أ
يام الترحيب بي في البحرين قد انتهت، ويبدو في الحقيقة أن وجودي في البحرين انتهى بالتمام خلال هذه الفترة.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus