قبل أن يدرك السلامة الوطنية صباح 1يونيو..

2011-05-28 - 12:21 م



مرآة البحرين (خاص): خوفاً من أن يدركها صباح الأول من يونيو، تستنفر وزارة الداخلية كل طاقتها، لتنفيذ أقصى ما يتسنى لها من استدعاءات وتحقيقات وتوقيفات، وذلك مع بدء العد التنازلي لانتهاء فترة السلامة الوطنية.

غالباً، لم تعد وتيرة التحقيق تسير كما في الشهرين الماضيين؛ التوقيف لمدة نهار كامل مثقل بالتعذيب والإهانات، هذه المرة المدة تتراوح بين ٢-٦ ساعات، يخلى سبيله بعدها. قائمة طويلة بالأسماء تنتظر التحقيق معها خلال الأيام القليلة الباقية، ما يجعل رتم العمل يمشي سريعاً، لكن هذا لم يمنع أن البعض عاش تجربة مختلفة كما سنعرض لاحقاً.
 
قائمة الأسماء لدى مراكز الشرطة، تتضمن من تم التحقيق معهم في لجان تحقيق خاصة داخل أعمالهم؛ وزارية كانت أو مؤسسية حكومية أو خاصة. تقوم هذه الجهات بتحويل ملفات التحقيق إلى الداخلية فور انتهائها، وهذه بدورها تقوم باستدعائهم، والتحقيق معهم حول نفس التهم التي وجهت لهم في لجان التحقيق الخاصة. سيكون ملف التحقيق الخاص بالعمل في انتظارك. وستنتظرك الأسئلة نفسها، وكأن الساعات التي استغرقتها في التحقيق الأول لم تكن كافية. الفرق، أن التحقيق في العمل سيكون مواجهة كلامية، لكن في مركز الشرطة لا تضمن ما يحدث لك. سيختلف الوضع من مركز شرطة إلى آخر، ومن (مُحقَّق) إلى آخر، ومن ملازم مسؤول إلى آخر.
 
قد تمر على التحقيق بسلام، دون أن تتعرض للإهانة والتعذيب، وقد  تتعرض لألوان مختلفة ومتفاوتة من الإهانات والتعذيب، وقد يتم إيقافك ليوم أو أكثر. التهم هي نفسها للجميع غالباً: المشاركة في الاعتصام في الدوار، والمشاركة في مسيرة أو أكثر عند الدوار. تهمتين كافيتين، ليتم استجوابك داخل وخارج العمل، واتهامك بخيانة الوطن والإساءة اليه. في نهاية التحقيق، سيكون عليك أن توقع تعهداً مكتوباً وجاهزاً بعدم مشاركتك في أي نشاط سياسي.
 
وقبل أن تغادر مركز الشرطة، سيكون عليك أن تقف مثل (مجرم) لتُلتقط لك صورة وأنت تحمل قطعة خشبية مكتوب عليها تفاصيلك الشخصية، والقضية: السلامة الوطنية. ثم سيتم أخذ بصمات أصابعك كاملة، ليحتفظ بكل ذلك في ملف خاص بك، مثلك مثل المجرمين وأرباب السوابق.  ورغم أن القضية التي يتم استدعاؤك من أجلها هي السلامة الوطنية، والتي من المفترض أن تتناول ما ارتكبته من (مخالفات) بعد إقرار قانون السلامة الوطنية، إلا أن (التهم) التي ستوجه إليك، ستكون متعلقة بفترة ما قبل إقرار قانون السلامة الوطنية، وستتم محاسبتك على أي مشاركة سياسية لك منذ ١٤ فبراير، وحتى ١٥ مارس، اليوم الرسمي الذي أعلن فيه عن إقرار القانون.

مراكز الشرطة في مناطق متفرقة من البحرين، تعمل الآن على مدار الساعة. الاستدعاء ليس له وقت محدد صباحاً أو مساء. يرن هاتفك: مطلوب حضورك فوراً إلى مركز (....) دون تأخير. الساعة العاشرة مساءً، تلقت (س) اتصالا هاتفياً يدعوها للمثول بين يدي التحقيق في أحد مراكز الشرطة. وعندما طلبت إمهالها للصباح بسبب تأخر الوقت، لم يقبل منها وتم الإصرار عليها بالحضور. التهمة التي كانت تنتظرها في هذا الوقت المتأخر ولا تحتمل التأخير هي: التحريض على كراهية النظام في مكان عملها.
 
المضحك، أن عملها هذا غادرته منذ ثلاث سنوات. انتهت من التحقيق بعد منتصف الليل لتعود إلى بيتها فجراً. وسط ضغط العدد الكبير ممن يتم استدعائهم، فإن كثيرين خرجوا من التحقيق دون أن يتعرضوا للأذى، الأسئلة ذاتها ولا جديد، معاملة متوازنة من قبل المحققين. لكن التخوفات التي خرج يحملها معهم هؤلاء هي عن ماذا بعد؟ يقول أحدهم "لا نعرف لماذا يتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وكأننا قد ثبتت علينا تُهم الخيانة؟ وما مصير ملفات التحقيق هذه؟" محامون أوضحوا أنها ربما تستخدم لإحالة الملف إلى النيابة العامة.
 
آخرون تعرضوا لاستفزازات طائفية وإهانات وكلمات مشينة غير لائقة تمس المذهب والمعتقد والشخص. عدد من النساء يروين عن ترويع من نوع مختلف، يتم إجلاسهن في غرفة تسمع فيها أصوات التعذيب والضرب الذي يتعرض له آخرون في غرفة مجاورة. أو عن طريق ترك باب الغرفة التي يجلسن فيها مفتوحاً ثم المرور عليهن بأشخاص يتم ركلهم وأعينهم معصوبة. بعض آخر يتم ضربه على الوجه والرأس.
 
أحد الذين تم استدعاؤهم خلال هذه الأيام في أحد مراكز الشرطة؛ جنايته المشاركة في مسيرة واحدة خلال شهر فبراير، أي قبل إقرار قانون السلامة الوطنية، تم توقيفه في غرفة منفصله قبل أن يتم التحقيق معه، وكان معه آخرون ممن صمدت أعينهم. أمرهم أحد رجال الأمن (عراقي اللهجة) أن يفتحوا أفواههم، وقام بالبصق في أفواههم واحداً واحداً، ثم ضربهم بالماسورة البلاستيكية (الهوز).
 
ثم أخذ كل واحد منهم إلى التحقيق بشكل منفرد، وعند انتهائهم من أخذ أقوالهم، وقبل اخلاء سبيلهم، أعيد ضربهم من جديد. ستكون معرضاً لشيء من هذا إذا كان كل تهمتك هو التواجد في الدوار أو المشاركة في مسيرة. لكن حين تكون صحفياً، أو مراسلاً، أو شاهداً قدم شهادته عبر أي من القنوات التلفزيونية أو وكالات الأنباء، سينتظرك إجراء خاص يليق بك. (مرآة البحرين) نشرت تقريراً مفصلاً عما تعرضت له الصحفية نزيهة سعيد من تعذيب بشع وضرب وإهانات، خلال ايقافها لمدة ١٢ ساعة في مركز الرفاع. تعذيب آخر تعرض له المصور مازن مهدي ومراسل وكالة الأنباء الألمانية، الذي بقى معصوب العينيين ومربوط اليدين طوال فترة التحقيق التي استمرت أكثر من ١٢ ساعة مع ضربه على رأسه ووجهه.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus