الحاجة إلى الاعتراف: قمقم تجمع الوحدة الوطنية

2011-05-28 - 12:35 م



 

‭"‬تجمع‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬الفاتح‭ ‬أصبح‭ ‬
مثل‭ ‬طوق‭ ‬النجاة‭ ‬استخدم‭ ‬مرتين‭ ‬ثم‭ ‬رمي‭ ‬
في‭ ‬ركن‭ ‬يسمى "‬لوقت‭ ‬الحاجة‭ ‬فقط‭!!" ‬
النائب‭ ‬السابق‭ ‬محمد‭ ‬خالد



ما‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬عقدة‭ ‬الاعتراف‭ ‬الآن‭ ‬عند‭ ‬تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الصحافي‭ ‬مصعب‭ ‬الشيخ‭ ‬يضحك‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬وجهها التجمع‭ ‬إلى‭ ‬باراك ‭ ‬حسين‭ ‬أوباما؟‭ ‬وما‭ ‬علاقة‭  ‬بعبع‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬القمقم‭ ‬بعقدة‭ ‬الاعتراف؟‭ ‬

التسوية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬مع‭ ‬المكون‭ ‬الآخر،‭ ‬تهدد‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬لذلك‭  ‬بدأ‭ ‬خطابه‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬مايو/ أيار،‭ ‬يلح‭ ‬في‭ ‬التذكير‭ ‬بأهمية‭ ‬الاعتراف‭ ‬به‭ ‬كمكون،‭ ‬أي‭ ‬الانتقال‭  ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف.‭ ‬لقد‭ ‬استخدمته‭ ‬السلطة‭ ‬لضرب‭ ‬خطاب‭ ‬المعارضة،‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬كشريك‭ ‬معها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبّرت‭ ‬عنه‭ ‬سوسن‭ ‬الشاعر‭ ‬القريبة‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬مطبخ‭ ‬الديوان،‭ ‬في‭ ‬مقالها "‬لا‭ ‬طاولة‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ "‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬التجمع‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬موقعه‭ ‬الإلكتروني‭.‬أكدت‭ ‬بلغة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬حس‭ ‬الزعامة‭ ‬السياسية،‭ ‬أهمية‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف،‭ ‬فقد‭ ‬كتبت‭ ‬أن‭ ‬أهل‭ ‬الفاتح ‭ "‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬هم‭ ‬قبل‭ ‬غيرهم‭ ‬قيمة‭ ‬أنفسهم‭" ‬ وأنهم‭ ‬طرف‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬طاولة‭ ‬الحوار،‭ ‬فلا‭ ‬طاولة‭ ‬حوار‭ ‬بغير‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهم‭. ‬ فهم‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬المؤامرة‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬يشكل‭ ‬الغالبية،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬أعاد‭ ‬البلد‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬الحكم،‭ ‬وفي‭ ‬خطاب‭ ‬العضو‭ ‬المؤسس‭ ‬بتجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬عبدالله‭ ‬هاشم‭ ‬في‭  ‬"ساحة‭ ‬الشرفاء" ‬في‭ ‬البسيتين‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬مايو/ أيار.‭ ‬تمّ‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬بغضب،‭ ‬ولم‭ ‬يتحفظ‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ "‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬استقبلنا‭" ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهم،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬جناح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وأن‭ ‬الجناح‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهم‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الحوار‭ ‬والتسوية،‭ ‬وهو‭ ‬جناح‭ ‬الملك‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭.

وفي‭ ‬الساحة‭ ‬نفسها‭ ‬وقف‭ ‬الشيخ‭ ‬حسن‭ ‬الحسني،‭ ‬مهدداً‭ ‬بأنه‭ ‬سيخرج‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬متوجهاً‭ ‬إلى‭ ‬أبي‭ ‬متعب‭  ‬الملك‭ ‬عبدالله‭(‬،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تمّ‭ ‬العفو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الملك‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬مشيمع‭.  ‬الاعتراف‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المكون‭ ‬الخائن،‭ ‬ولو‭ ‬بأسلحة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬سلاح‭ ‬ذراع‭ ‬الجزيرة‭.‬ هكذا‭ ‬إذن،‭ ‬طاولة‭ ‬الحوار،‭ ‬والعفو،‭ ‬يهددان‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭.‬

كذلك‭ ‬وجدت‭ ‬عقدة‭ ‬الاعتراف‭ ‬عند‭ ‬التجمع،‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬أوباما‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭  ‬اعتراف‭ ‬الحكومة،‭ ‬ورسالة‭ ‬التجمع‭ ‬إلى‭ ‬أوباما،‭ ‬بدأت‭ ‬بتكرار‭ ‬العبارة‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬عقدة‭ ‬النقص‭ ‬النفسي‭ "‬ونحن‭ ‬باعتبارنا‭ ‬مكونا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬والذين‭ ‬وقفنا‭ ‬في‭ ‬تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬بمركز‭ ‬الفاتح‭ ."‬من‭ ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬أن‭ ‬العقدة‭ ‬النفسية‭ ‬تحمل‭ ‬صراعاً‭ ‬مع‭ ‬آخر‭ ‬يتمّ‭ ‬استحضاره‭ ‬دوماً‭ ‬كعدو‭ ‬مُختلق،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬رسالة‭ ‬التجمع‭ ‬غير‭ ‬اختلاق‭ ‬اختراق‭ ‬إيراني‭ ‬عبر‭ ‬شيطان‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ "‬جر‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬أحضان‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬تحت‭ ‬دعاوي‭ ‬الإصلاح‭" ‬والتي‭ ‬تتظاهر‭ "‬بالسلمية‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬دينية‭ ‬ثيوقراطية‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬وتتنافى‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطية‭ ‬العادلة‭ ‬،‭ ‬وارتكبت‭ ‬هذه‭ ‬المعارضة‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬فبراير‭ ‬ومارس‭ ‬2011‭ ‬جرائم‭ ‬بشعة‭ ‬ضد‭ ‬الانسانية‭ ‬بحق‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬فقتلت‭ ‬وعذبت‭ ‬عددا‭ ‬منهم‭ ‬بأبشع‭ ‬الوسائل‭ ‬وأشنعها"‬‭.‬

وفي‭ ‬خطبة‭ ‬الشيخ‭ ‬المحمود‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬يستنتج‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬أوباما،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬معنا‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بنا‬‭" ‬إن‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬لها‭ ‬أهدافها‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬شعوب‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ... ‬وإن‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تأخذ‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬المعارضة‭"‬.

وفي‭ ‬زيارته‭ ‬لمصر‭ ‬أضاف‭ ‬المحمود‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الاختلاق‭ ‬المؤسس‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬عقدة‭ ‬نقص‭ ‬الاعتراف بقوله ‭"‬أن‭ ‬المؤمرة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الصفوية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تستهدف‭ ‬أمن‭ ‬البحرين‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬تستهدف‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وتغير‭ ‬هويته‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مخطط‭ ‬صفوي‭ ‬يسعي‭ ‬عبر‭ ‬مخططها‭ ‬التاريخي‭ ‬لتصدير‭ ‬حلم‭ ‬الثورة‭ ‬الخمينية‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭".

هي‭ ‬رسالة‭ ‬تطلب‭ ‬بألم‭ ‬وشعور‭ ‬بالتخلي،‭ ‬من‭ ‬أوباما‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬آلمها‭ ‬أن‭ ‬خطابه‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الحكومة‭ ‬للحوار‭ ‬مع‭ ‬المعارضة،‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬إليها‭ ‬كمكون‭ ‬من‭ ‬
مكونات‭ ‬المعارضة،‭ ‬ولا‭ ‬كمكون‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬السياسي‭ ‬البحريني‭.‬ غياب‭ ‬هذه‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التجمع‭ ‬وتّر‭ ‬هذه‭ ‬العقدة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الاعتراف‭.‬ خصوصا‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تتعافَ‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬ضربة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بقوتها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حتى‭ ‬مطلب‭ ‬زيادة‭ ‬الرواتب،‭ ‬على‭ ‬رغم‭ ‬من‭ ‬وعودها‭ ‬الضمنية‭ ‬لشارعها‭ ‬بتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬حيلة‭ ‬غير‭ ‬وضع‭ ‬عريضة‭ ‬الكترونية‭ ‬في‭ ‬موقعها‭ ‬لمطالبة‭ ‬الحكومة‭ ‬بتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭ ‬المعيشي‭ ‬الملح‭ ‬"تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬يدعو‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬بكافة‭ ‬الأطياف‭ ‬والمذاهب‭ ‬للتوقيع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬على‭ ‬العريضة‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬تمرير‭ ‬ميزانية‭ ‬الحكومة‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬مطالب‭ ‬الشعب‭ ‬بالزيادة‭ ‬في‭ ‬الرواتب،‭ ‬يرجى‭ ‬التفضل‭ ‬بتسجيل‭ ‬اسمك‭ ‬الثلاثي‭ ‬ورقمك‭ ‬الشخصي".‬

في‭ ‬سياق‭ ‬عقدة‭ ‬الاعتراف‭ ‬استخدم‭ ‬أحد‭ ‬كتاب‭ ‬التجمع‭ ‬وصف‭ ‬المارد‭ ‬كتعويض‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬النقص "‬هو‭ ‬كالمارد‭ ‬الذي‭ ‬نفض‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬الغبار‭ ‬وخرج‭ ‬من‭ ‬قمقمه‭ ‬ليجمع‭ ‬مكوّنا‭ ‬رئيسا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬تحت‭ ‬مظلته‭...‬والغاية‭ ‬الرئيسة‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬لأجلها‭ ‬هذا‭ ‬المارد‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تحجيمها‭ ‬أو‭ ‬إزالة‭ ‬أو‭ ‬تخفيف‭ ‬مظلتها‭ ‬وسطوتها‭ ‬وتأثيرها‭"‬.
ما‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬التأكيد‭ ‬المحموم‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬الوليد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬الله‭ ‬الدوار‭ ‬ومن‭ ‬عليه؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬الشعور‭ ‬بالحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لبقاء‭ ‬هذا‭ ‬المارد‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬تضمن‭ ‬عدم‭ ‬رجوعه‭ ‬إلى‭ ‬القمم؟

إنها‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الاعتراف،‭ ‬اعتراف‭ ‬صاحب‭ ‬القوة‭ ‬بحضورهم‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬طويل،‭ ‬لذلك‭ ‬يتمُّ‭ ‬التذكير‭ ‬دوما‭ ‬بالغياب‭ ‬لمدة‭ ‬أربعين‭ ‬عاما‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية،‭ ‬غياب‭ ‬المارد،‭ ‬وخروجه‭ ‬فجأة‭ ‬من‭ ‬القمقم‭ ‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬فيه‭ ‬سيده. ‬إنه‭ ‬اعتراف‭ ‬مقرون‭ ‬دوماً‭ ‬بالتذكير‭ ‬بالفضل،‭ ‬فضل‭ ‬هذا‭ ‬المارد‭ ‬على‭ ‬صاحب‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬سلطته‭ ‬وبقائه‭. ‬

لأن‭ ‬الغياب‭ ‬كان‭ ‬لأسباب‭ ‬مادية،‭ ‬مؤسس‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬نعطيك‭ ‬ما‭ ‬يُسكتك،‭ ‬فإن‭ ‬طلب‭ ‬الاعتراف‭ ‬سيظل‭ ‬مقرونا‭ ‬بالعطاء،‭ ‬عطاء‭ ‬مادي‭: ‬ رفع‭ ‬رواتب،‭ ‬تخصيص‭ ‬مكافآت،‭ ‬فتح‭ ‬مواقع‭ ‬سيطرة‭ ‬جديدة،‭ ‬نيل‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬ومقرون‭ ‬كذلك‭ ‬بالتحذير‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمكون‭ ‬آخر‭ ‬يبرز‭ ‬كخصم‭ ‬لدود،‭ ‬يوصف‭ ‬بالخيانة‭ ‬والعمالة‭.‬
تحول‭ ‬هذا‭ ‬المولود‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬ضغط،‭ ‬تطالب‭ ‬بحصتها‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬عطاءات‭ ‬أكثر،‭ ‬هي‭ ‬تريد‭ ‬الآن‭ ‬ألا‭ ‬تخسر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تحصل‭ ‬عليه،‭ ‬ثمناً‭ ‬لسكوته‭) ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬القمقم‭(‬. الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬كقوة‭ ‬غير‭ ‬صامتة،‭ ‬يعني‭ ‬قوة‭ ‬لا‭ ‬يستجاب‭ ‬لها‭ ‬بالصمت‭ ‬والبقاء‭ ‬في‭ ‬القمقم‭. ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬خارج‭ ‬القميم،‭ ‬يعني‭ ‬تغيير‭ ‬المعادلة‭ ‬والشروط‭.‬هي‭ ‬لم‭ ‬تعانِ‭ ‬من‭ ‬تهميش‭ ‬ولا‭ ‬تمييز‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬تعامل‭ ‬كتابع‭ ‬يسهل‭ ‬التحكم‭ ‬فيه‭ ‬بما‭ ‬توافر‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬نفطي‭ ‬ريعي‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬جامع‭ ‬وطني‭ ‬يعطي‭ ‬لهذا‭ ‬التجمع‭ ‬صفته‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬لصق‭ ‬نفسه‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬يلصق‭ ‬"الجيلي"‭ ‬بعضه‭ ‬ببعض‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وحدةً‭ ‬تكوينية‭ ‬متماسكة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬رجرجة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعنيه‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجمعية‭ ‬الوسط‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬أحمد‭ ‬البنعلي‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬23مايو/ أيار،‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬‭"‬تركيبته‭ ‬القيادية‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الشارع‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة‭. ‬التجمع‭ ‬يمثل‭ ‬قطاعا‭ ‬شعبيا‭ ‬كبيرا،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يضم‭ ‬الأطياف‭ ‬جميعا،‭ ‬وليس‭ ‬طيفا‭ ‬واحدا،‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يذيب‭ ‬فيه‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التيارات‭ ‬الموجودة،‭ ‬وأقولها‭ ‬بصراحة‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬تشد‭ ‬التجمع‭ ‬الى‭ ‬الخلف،‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬كيانا‭ ‬مؤطرا‭ ‬وواضحا،‭ ‬تريده‭ ‬هلاميا،‭ ‬مثل‭  ‬(الجيلي)‬،‭ ‬غير‭ ‬محدد‭ ‬الشكل،‭ ‬ويوجد‭ ‬آخرون‭ ‬لا‭ ‬يتبنون‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭"‬.

هو‭ ‬تجمع‭ ‬مصالح،‭ ‬بمعنى‭ ‬جماعات‭ ‬وشخصيات‭ ‬انتفاعية‭ ‬موالية‭ ‬لسلطة‭ ‬يربطها‭ ‬بها‭ ‬عقد‭  ‬(نعطيك‭ ‬ما‭ ‬يُسكتك‭ (‬هذا‭ ‬الجامع‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬عقدة‭ ‬نقص‭ ‬الاعتراف،‭ ‬لأن‭ ‬السلطة‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تحترم‭ ‬هذا‭ ‬الجامع،‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬مؤسسا‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬يفرض‭ ‬احترامه‭ ‬الدستور‭)  ‬العقد‭ ‬الاجتماعي‭(‬،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مؤسس‭ ‬على‭ ‬منفعة،‭ ‬يعطيك‭ ‬إياها‭ ‬صحاب‭ ‬السلطة،‭ ‬فيكسب‭ ‬طاعتك‭ ‬وولاءك‭ ‬واعترافك‭ ‬به‭ ‬لا‭ ‬اعترافه‭ ‬بك‭.‬


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus